پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1479

هذا، ويحصل الإكراه بالتخويف بالمحذور في نظر المكره، كالتهديد بالضرب الشديد أو بالحبس أو إتلاف المال، وتختلف الشدة باختلاف طبقات الناس وأحوالهم، فالوجيه الذي يهدد بالتشهير به والاستهزاء به أمام الملأ يعتبر ذلك في حقه إكراهاً، والشتم في حق رجل ذي مروءة إكراه، ومثل ذلك التهديد بقتل الولد، أو الفجور به، أو الزنا بامرأته. إذ لا شك في أنه إيذاء يلحقه أشد من الضرب والشتم، ومثل ذلك التهديد بقتل أبيه، أو أحد عصبته، وإن علا أو سفل. أو إيذاؤه بجرح، وكذلك التهديد بقتل قريب من ذوي أرحامه. أو جرحه. أو فجور به، فإنه يعتبر إكراهاً.

هذا، والإكراه الشرعي كغيره لا يلزم به الطلاق، فلو حلف ليطأن زوجته الليلة فوجدها حائضاً، فإنه لا يحنث، وكذا لو حلف ليقضين زيداً حقه في هذا الشهر فعجز، فإنه لا يحنث، كما ذكرناه مفصلاً في الجزء الثاني.

الحنابلة – قالوا: طلاق المكره لا يقع بشروط: أحدها أن يكون بغير حق، فإذا أكرهه الحاكم على الطلاق بحق فإنه يقع، كما إذا طلق على من آلى من زوجته ولم يرجع إليها بعد أربعة أشهر، ونحو ذلك.

ثانيها: أن يكون الإكراه بما يؤلم، كأن يهدده بما يضره ضرراً كثيراً من قتل، وقطع يد أو رجل. أو ضرب شديد. أو ضرب يسير لذي مروءة. أو حبس طويل، خلافاً للمالكية. أو أخذ مال كثير. أو إخراج من ديار. أو تعذيب لولده. بخلاف باقي أقاربه، فإن التهديد بإيذائهم ليس إكراهاً.

ثالثها: أن يكون المهدد قادراً على فعل ما هدد به.

رابعها: أن يغلب على ظن المكره أنه إن لم يطلق يقع الإيذاء الذي هدد به، وإلا فلا يكون مكرهاً.

خامسها: أن يكون عاجزاً عن دفعه وعن الهرب منه، ومثل ذلك ما إذا أكرهه بالضرب فعلاً. أو الخنق. أو عصر الساق. أو غط في الماء ولو بدون تهديد ووعيد، فالطلاق لا يلزم في هذه الأحول).

(4) (المالكية – قالوا: في وقوع الطلاق بالكلام النفسي خلاف، فبعضهم قال: إنه يقع به الطلاق، وبعضهم قال: لا يقع، وهو المعتمد).

(5) (الحنفية – قالوا: الإشارة بالطلاق لا تقوم مقام اللفظ من السليم الذي يمكنه أن ينطق، فلا يقع الطلاق إلا باللفظ المسموع، بخلاف حديث النفس أو الهمس فإنه لا يعتبر أما الأخرس فلا يخلو إما أن يكون ولد وهو أخرس. أو يكون الخرس قد عرض له، فإن كان الأول وكانت له إشارة مفهومة يعرف بها طلاقه، ونكاحه، وبيعه وشراؤه فإنها تعتبر وإن لم تكن له إشارة مفهومة فلا يعتبر له طلاق. وإذا كان يعرف الكتابة فإن طلاقه بالإشارة لا يصح إذ في إمكانه أن يكتب ما يريد، فكتابة الأخرس كاللفظ من السليم على المعتمد، أما إن كان الخرس طارئاً عليه، فإن كان لا يرجى برؤه ومضى عليه زمن حتى صارت له أشار مفهومة فإنه يعمل بإشارته، وإلا فتقف تصرفاته حتى يبرأ، هذا إذا لم يعرف الكتابة، وإلا فيعمل بها بلا نزاع.