پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1474

ويشترط في الصيغة أمران أحدهما: أن تكون لفظاً يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية، فلا يقع الطلاق بالأفعال، كما إذا غضب على زوجته فأرسلها إلى دار أبيها، وأرسل لها متاعها ومؤخر صداقها بدون أن يتلفظ بالطلاق، فإن ذلك لا يعتبر طلاقاً، وكذا لا يقع بالنية. بدون لفظ، فلو نوى الطلاق. أو حدث به نفسه (4) فإنه لا يقع.

وهل الإشارة والكناية من الأخرس أو من غيره يقومان مقام اللفظ، أو لا؟ في الجواب عن ذلك تفصيل المذاهب (5).

ثانيهما أن يكون اللفظ مقصوداً، فإذا أراد أن يقول لامرأته: أنت طاهرة، فسبق لسانه وقال لها: أنت طالق فإن طلاقه لا يقع بينه وبين اللّه تعالى، أما في القضاء فإنه يعتبر لأنه لا اطلاع للقاضي على ما في نفسه، ويقال لمن وقع منه ذلك: مخطئ.

أما طلاق الغضبان فاعلم أن بعض العلماء قد قسم الغضب إلى ثلاثة أقسام:

الأول: أن يكون الغضب في أول أمره، فلا يغير عقل الغضبان بحيث يقصد ما يقوله ويعلمه، ولا ريب في أن الغضبان بهذا المعنى يقع طلاقه وتنفذ عباراته باتفاق.

الثاني: أن يكون الغضب في نهايته بحيث يغير عقل صاحبه ويجعله كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه، ولا ريب في أن الغضبان بهذا المعنى لا يقع طلاقه، لأنه هو والمجنون سواء.

الثالث: أن يكون الغضب وسطاً بين الحالتين، بأن يشتد ويخرج عن عادته ولكنه لا يكون كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه، والجمهور على أن القسم الثالث يقع به الطلاق (6).

هذا، ولا يشترط لصحة الطلاق الإسلام، فإذا طلق الذمي امرأته فإن طلاقه يعتبر، كما تقدم في مبحث أنكحة غير المسلمين (7).

————————–

(1) (الحنفية – قالوا: حد السكر عند الإمام هو سرور يزيل العقل، فلا يفرق صاحبه بين السماء والأرض، ومعنى هذا أن السكران الذي يصل إلى حد يشبه المجنون يقع طلاقه، ومن باب أولى ما إذا لم يصل إلى هذا الحد، أما الصاحبان فإنهما يقولان: إن حد السكر سرور يغلب على العقل فيجعل صاحبه يهذي في كلامه بحيث يكون غالب كلامه هذياناً، فلو كان نصف كلامه هذياناً ونصفه مستقيماً فإنه لا يكون سكران، بل يعامل معاملة الصاحي في كل أحواله، على أن من زاد على هذا الحد بأن اختلط عقله فأصبح لا يفرق بين السماء والأرض، ولا بين الرجل والمرأة، فإن طلاقه يقع أيضاً.

وعلى هذا لا يكون للخلاف في حد السكران فائدة بالنسبة لوقوع الطلاق، لأنه واقع في الحالتين على رأي أبي حنيفة، ورأي صاحبيه.

أما الأول: فلأنه يعتبر الهاذي في كلامه فقط كالصاحي الذي يقع طلاقه، بلا نزاع.

وأما الثاني: فلأن الصاحبين يقولان بوقوع طلاقه إذا وصل للحد الأعلى زجراً له.