الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1463
وإذا تزوجت امرأة رجلاً وجاءت منه بولد نزل لها لبن بسببه ثم طلقها وتزوجت آخر فإن لبن الأول يستمر بحيث لو رضع منها طفل كان ابناً من الرضاع للأول ما لم تلد من الثاني، فإذا ولدت انقطع لبن الأول وصار اللبن للثاني، وهذا بخلاف ما إذا نزل اللبن للبكر ثم تزوجت واستمر لبنها، فإنه يكون لها دون زوجها حتى تحمل منه، فإذا حملت صار اللبن لهما وإن لم تلد، والفرق بين الصورتين ظاهر، فالبن في الأولى نزل بسبب ولادة الزوج الأول فكان له بخصوصه ولا ينقطع إلا بولادة الثاني، أما في الثانية فإنه نزل للبكر من غير زوج فكان أضعف من الأول.
ومن هذا يتضح أن اللبن لا ينقطع نسبته عن الأول إلا بالولادة من غيره، ولو طالت المدة أو انقطع اللبن وعاد ثانياً، خلافاً للحنفية في هذا وما قبله.
المالكية – قالوا: يثبت اللبن للرجل بشرطين:
الأول: أن يطأ زوجته. الثاني: أن ينزل، فلو عقد عليها، أو وطئها ولم ينزل، وكان بها لبن فإنه لا يثبت له، فإذا عقد على بكر بها لبن ولم يدخل بها ورضع منها طفل كان الطفل ابن المرضعة دون الرجل، ومثل ذلك ما إذا زنى الرجل بامرأة ونزل لها لبن كان لبنه على المعتمد، وفاقاً للحنفية، وهو المذكور – في الصلب – ويستمر هذا اللبن من حين الوطء إلى أن ينقطع، ولو مكث سنين عديدة، فلو طلقها، أو مات عنها ولم تتزوج غيره واستمر بها اللبن كان لبنه فتثبت به حرمة المصاهرة، فلو طلقها أو مات عنها وتزوجت غيره بعد انقضاء عدتها، ولبن الأول في ثديها ثم وطئها الزوج الثاني وأنزل كان اللبن مشتركاً بين الاثنين، فلو رضع منه طفل كان ابناً للزوجين الزوج المطلق، والثاني، فتثبت حرمة المصاهرة بينه وبينهما معاً، وكذا لو تزوجها ثالث ولبن الثاني والأول في صدرها فإنه بعد وطئها وإنزاله لم يشترك من قبله في أبوة الرضيع، وهكذا، أما إذا تزوجت رجلاً وولدت منه وأرضعت ابنه حتى فطم وانقطع لبنها، وتزوجت الآخر ونزل لها لبن بعد وطئها وإنزاله، فإنه يكون لبن الثاني، فيشترط في اشتراك الأول والثاني في اللبن أمران:
أحدهما: أن لا ينقطع لبن الأول من ثديها قبل أن يطأها الزوج الثاني، فإن انقطع ووطئها الثاني كان اللبن خاصاً بالثاني.
ثانيهما: أن يطأها الثاني وينزل أما قبل ذلك فإن اللبن يكون للأول فقط.