پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1454

وأما الدليل الثاني، وهو ما رواه مسلم من أن الرضعة أو الرضعتين لا يحرم، فقد رده الحنفية والمالكية فقالوا: إما أن يكون منسوخاً أو تكون روايته غير صحيحة. وذلك لأن اللّه تعالى قال: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة

فاللّه سبحانه لم يقيد الرضاعة بأي مقدار.

وقد روي عن ابن عمر أنه قيل له: أن ابن الزبير يقول: ولا بأس بالرضعة أو الرضعتين فقال قضاء اللّه خير من قضائه، قال تعالى: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم

واستدلال ابن عمر بهذه الآية فيه رد للحديث المذكور” لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان” إما بنسخ هذا الحديث وإما أن تكون الرواية غير صحيحة، وظاهر هذا أن إطلاق الكتاب الكريم في مقام التشريع والبيان لا يصح تقييده بخبر الواحد، لما عرفت من أن الأحاديث الظنية لا يصح أن تعارض المتواتر، ولهذا قال ابن عمر: قضاء اللّه خير من قضاء ابن الزبير، لأن ابن الزبير لم يقل ذلك من تلقاء نفسه، بل لا بد أن يكون مستمسكاً بحديث، فقال له ابن عمر: إن كتاب اللّه هو الذي يجب العمل به، وحيث ورد مطلقاً فلا يقيده الحديث، ثم لينظر بعد ذلك للحديث، فإما أن تكون رواية غير صحيحة، وبذلك ينتهي الإشكال، وإما أن يكون صحيحاً ولكنه نسخ بهذه الآية أو بحديث آخر، وفي هذا كلام في علم الأصول ليس هذا محله.