الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1441
واعلم أنه إذا وهبت إحدى الزوجات ليلتها لضرتها لزمه قضاؤها في وقتها، مثلاً إذا كانت نوبتها ليلة الخميس فوهبتها لضرتها، وكانت ليلة ضرتها ليلة الجمعة بات عند الضرة ليلتين متواليتين ولا يجوز له أن ينقلها من ليلة الخميس إلى ليلة الاثنين مثلاً، وذلك لأن ليلة الاثنين التي يريد أن ينقل إليها حق للضرة الثالثة، وربما تتضرر من تغيير ليلتها. فإذا رضيت جاز، وأيضاً فإن للواهبة الحق في الرجوع، فلو وهبت له ليلة الاثنين فلا يجوز له أن يقدمها إلى ليلة الجمعة إلا برضا، إذ قد يعن لها أن ترجع عن هبتها، فلو قدمها انقضت فلا يكون لها حق في الرجوع.أما إذا كانت ليلتها الجمعة وأراد أن ينقلها إلى ليلة الاثنين فإنه يجوز من غير رضاها لأنه يريد أن يؤخرها لها لتكون لها الفرصة في الرجوع إذا شاءت، ولكن لا يجوز له النقل إلا برضاء الضرة الثالثة، وعلى هذا القياس.
هذا، وقد نقل بعض محققي الحنفية هذا عن الشافعية، فذكر أنهم يجيزون نقل الليلة الموهوبة بجوار ليلة الموهوب لها ليبيت عندها ليلتين متواليتين، ورجع هو عدم الجواز لما يلحق الضرة الثالثة من الضرر، ولكن الواقع أن الشافعية لم يجيزوا على الاطلاق، بل اشترطوا رضاء الضرة ورضاء الواهبة بحيث لا يعود على واحدة منهن ضرر، وهذا حسن ولا شيء فيه.
ويتضح من هذا كله أن الأئمة الثلاثة يقولون بعدم أخذ العوض المالي في نظير هبة النوبة من المبيت، وكذلك لا يجوز للزوجة بيع نوبتها لضرتها أو لزوجها بعوض مال خلافاً للمالكية القائلين بالجواز، ولكن الحنابلة والحنفية لهم رأيان في هذا والراجح عدم الجواز، كما عرفت، أما الشافعية فإنه لا خلاف عندهم في عدم الجواز).
————————–
4 مبحث هل لمن يريد السفر أن يختار من تسافر معه من زوجاته؟
-وإذا سافر المتزوج أكثر من مرة واحدة فلا يخلو إما أن يكون مسافراً سفر انتقال من بلدة إلى أخرى ليستوطن بها، أو مسافراً سفراً مؤقتاً لقضاء حاجة، فإن كان الأول فإنه لا يجوز له أن يترك بعضهن ويأخذ البعض الآخر، لما في ذلك من المضارة للباقيات فإذا كان لا يستطيع أن يعيش معهن جميعاً في البلدة المنقول إليها وجب عليه أن يسرح منهن البعض الذي لا يريده، وإلا وجب عليه أن يقرع بينهن ويأخذ معه من عليها القرعة على أن تمكث معه زمناً ثم يعيدها ويأخذ غيرها لتمكث معه مثل الزمن الذي قضاه مع ضرتها، وهكذا، أما ما اعتاده بعض الناس الذين يتزوجون أكثر من واحدة في بلاد الأرياف ثم ينزحون بواحدة منهن إلى مصر ويتركون الباقيات كالمعلقات بحجة أنه لا يمكن العيش بهن جميعاً في مصر فإنه لا يجوز إلا برضاء الباقيات، وينبغي أن يكون هذا مما لا خلاف فيه، لأن لكل زوجة الحق في القسم في مثل هذه الحالة، إذ لا يقال للزوج إنه مسافر وإنما يقال له: إنه أقام في جهة وهجر نساءه في جهة أخرى، مع أن لهن عليه حقوقاً يجبر عليها، أما إن كان السفر لغرض من الأغراض من تجارة، وغزو، وحج، واستشفاء، ونحو ذلك، فإن فيه تفصيل المذاهب (1).
————————–