پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1435

، فالمراد نفي الاستطاعة التي ليست في اختيار الإنسان من المحبة القلبية وما يترتب عليها من استمتاع. أما ما عدا ذلك من إقامة العدل في المبيت وإعطاء كل واحدة نفقة مثلها بدون جور فإنه مستطاع من كل أحد، فلذا كان صلى اللّه عليه وسلم يتحرى الدقة في العدل بين نسائه في هذا ويقول: “اللّهم ان هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك” ولكن ليس معنى هذا أن الرجل يترك إحدى زوجاته بدون وطء فيعرضها للخنا والفساد، فإنه إن فعل ذلك فقد ارتكب إثماً، بل يجب على الزوج أن يعف زوجته ويصرفها عن التعلق بغيره، وإن لم يستطع وجب عليه أن يسرحها، وهل للزوجة الحق في طلب إعفافها؟ وإذا طالبته فهل يقدر لها القاضي قدراً معيناً؟ وكذلك هل لها أن تشكو كثرة استعمالها إذا تضررت منه؟ وهل يقدر القاضي له قدراً معيناً أو لا، في ذلك تفاصيل المذاهب (1).

————————–

(1) (الحنفية – قالوا: إذا كان الرجل متزوجاً بامرأة واحدة ولم يبت عندها لاشتغاله بالعبادة أو بجواريه كان لها الحق في طلب المبيت عندها، ولا يقدر ذلك بمدة معينة في الأسبوع على الراجع بل القاضي يأمر أن يبيت عندها ويصحبها من وقت لآخر بحيث لا تشعر بغيبة طويلة عنها، وقدر لها بعضهم كل أربعة أيام ليلة، ولكنهم قالوا: إن هذا ضعيف، والمعتمد الأول.

أما الوطء فليس لها حق في المطالبة به إلا مرة واحدة، ولكنه يفترض عليه ديانة أن يعفها وإلا كان من الآثمين، على أن بعض الحنفية يرى أنه يجب الحكم لها عليه قضاء بما يعفها، فكما يجب لها القضاء بالبيتوتة عندها من وقت لآخر بالقدر الذي يراه القاضي صالحاً، وكذلك يجب لها الحكم بالوطء من وقت لآخر بما يراه القاضي كافياً في إعفافها، وهو حسن، أما إذا اشتكت من كثرة استعمال الرجل إياها. فإنه يقضي لها بأن لا يجامعها فوق طاقها، ولا يقدر ذلك بعدد، بل الرأي فيه للقاضي أيضاً فيقضي بما يغلب على ظنه أنها تطيقه، وهذا يتبع غالباً الصحة والسمن، ونحو ذلك، نعم، قد توجد نحيفة تطيق أكثر من سمينة لأسباب داخلية، ولكن هذا غير الغالب، على أنه ينبغي للقاضي أن يسألها عما تطيق، ويكون لها القول بيمينها، وأيضاً فإنه يصح على امرأتين لهما خبرة بأحوال النساء بأن يكونا طبيتين، وقد صرحوا بجواز ذلك فيما إذا كانت صغيرة لا تطيق وادعى الزوج أنها تطيق فلتكن هذه مثلها، ومثل ذلك ما إذا كان للرجل آلة كبيرة تتصرف المرأة منها أو لا تطيقها فإنها لا تسلم له إلا إذا قررت الخبيرات من النساء ذلك.

المالكية – قالوا: يترك أمر الوطء لسجية الرجل وطبيعته، فلا يكلف أن يطأ إحدى زوجاته مثل ما يطأ الأخر، ولكن بشرط أن لا يتعمد الانصراف عن إحداهن ليوفر قوته للأخر التي يتلذذ بها أكثر فإذا كان عند صاحبة النوبة ووجد في نفسه ميلاً لوطئها وقدرة عليه ولكنه امتنع ليوفر للأخر التي اجمل منها مثلاً، كان ذلك محرماً لأنه إضرار بها عن عمد منه حتى ولو لم تتضرر بالفعل.