پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1431

وأما الجواب عن السؤال السابع، فهو أن كل ما ينافي الإسلام ويقطعه، سواء كان قولاً، أو فعلاً، أو نية، فإنه يكون ردة يجزى عليها فاعلها الجزاء المتقدم، لا فرق بين أن يصدر عنه ذلك استهزاءً، أو عناداً، أو اعتقاداً، فمثال القول أن يقول اللّه ثالث ثلاثة، أو يقول كلمة عيب في حث الذات العلية، أو في حق رسول اللّه، أو نحو ذلك، ومن ذلك ما إذا قال لمسلم: يا كافر وأراد رميه بالكفر حقيقة، لأن من كفر مسلماً كفر، ومثال الفعل أن يسجد لصنم، أو يلقي مصحفاً في قاذورة ولو طاهرة، ولو آية منه، وكذا إذا ألقى كتاباً شرعياً بقصد السخرية والاستهزاء، ولا يضر أن يمسح اللوح بالبصاق، كما يفعل صبية المكاتب لأن الغرض من هذا تسهيل المسح، ومثال الردة بالنية أن يعزم على الكفر بعد ساعة، أو غد، فإنه بذلك يكفر فوراً، فإن تاب عاد له إسلامه كما كان، حتى ولو كان بسبب التعريض بمقام الرسول الكريم، خلافاً للمالكية، ووفاقاً للحنفية وإذا قامت قرينة على أنه لا يقصد الاستهزاء، كما إذا كان خائفاً، أو سبق لسانه، أو كان غافلاً فإنه لا يكفر، وإذا سجد لمخلوق، فإن كان يقصد تعظيمه كتعظيم الإله فإنه يكفر، وإلا فلا، ولا شيء في التحية بالانحناء ونحوها. لأن الغرض من هذا مجرد الاحترام لا العبادة.

وأما السحر، فهو عبارة عن التكلم بعبارات، أو القيام بأعمال تنشأ عنها أمور خارقة للعادة، كما عرفه المالكية، وهو أمر حقيقي لا خيالي، فإن الواقع يؤيد ذلك، خلافاً لمن قال: إنه خيالي، فليس في العالم شيء من هذا القبيل، وعلى كل حال فالنظر إما أن يكون إلى آثاره، أو إلى العبارات والأفعال التي تترتب عليها تلك الآثار، فإن كانت هذه العبارات وتلك الأفعال مكفرة كان السحر كفراً، وإن كانت الآثار المترتبة عليها ضارة بالناس كانت حراماً وينبغي أن يكون هذا المعنى متفقاً عليه، وهو حسن.

الحنابلة – قالوا: في الجواب عن السؤال الأول، والثاني، هو أنه إذا ارتد الزوجان معاً فلم يسبق أحدهما الآخر، بأن سجدا لصنم. أو صليب في آن واحد، فإن وقع ذلك قبل الدخول انفسخ النكاح، وكذلك إذا ارتد أحدهما دون الآخر، وإن وقع ذلك بعد الدخول، وقعت الفرقة بينهما فلا ينقطع النكاح إلا إذا انقضت العدة، فإن عاد المرتد إلى الإسلام قبل انقضائها، فالنكاح باق على حاله، وإلا تبين فسخه من وقت الردة، ويمنع الزوج من وطئها لأن ههنا حالتين: حالة إباحة بعقد الزواج، وحالة حظر بالردة، فتغلب حالة الحظر على حالة الإباحة.

فإن وطئها الزوج في حال وقف النكاح فإنه لا يحد لشبهة الإباحة ولا كفارة عليه، ولكن يعذر لأنه فعل معصية لا حد لها ولا كفارة، فيكون جزاؤه التعزير، ثم إن ارتدت هي وحدها فلا نفقة لها، أما إذا ارتد هو فعليه نفقتها، ومثل ذلك ما إذا ارتدا معاً.

وأما الجواب عن الثالث، فإن الردة فسخ لا طلاق كما هو ظاهر.

وأما الجواب عن الرابع، فإن مال المرتد يقف بالردة ولكن لم يزل ملكه عنه، وإنما يحجر عليه، فلا يصح له أن يتصرف فيه ببيع، وهبة، ووقف، وإجارة، فإن هلك قبل الإسلام أصبح ماله فيئاً للمسلمين، ولكن يقضى منه دينه، فلا يرثه أحد وإن رجع إلى الإسلام رفع الحجر عنه وأصبح ماله كما كان وينفق من ماله عليه، وعلى من تلزمه نفقته في حال وقفه، وكما أن المرتد لا يورث فكذلك لا يرث من باب أولى، إذا أسلم قبل الميراث، فإنه يرث، ثم إن المرتد يصح له أن يملك في حال ردته، كما إذا وهب له أحد شيئاً كغيره، ويكون حكم ما ملكه كحكم ماله الأصلي فيوقف إلى أن يسلم.