الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1423
الأمر الأول: النكاح، فيبطل نكاح المرتد مطلقاً، لأن النكاح إما بين مسلمين. أو بين مسلم وكتابي، أو بين كتابيين، أو وثنيين، والمرتد لا دين له حتى ولو انتقل إلى دين الكتابيين لأنه لا يقر عليه، فلا يعتبر، ولا يخفى أن الوثني له دين وإن لم يكن له كتاب، فلو تزوج المرتد، أو المرتدة وقع العقد باطلاً، ثانيها: الذبح، فذبيحة المرتد لا تؤكل. ثالثها: الصيد فلو اصطاد المرتد كان صيده ميتة. رابعها: الشهادة، فلا تقبل شهادة المرتد ولا تصح. خامسها: الإرث، فلا يرث المرتد بعد ردته ولا يورث عنه مال كسبه بعد ردته أما المال الذي كسبه حال إسلامه فإنه يورث عنه، كما مر قريباً.
وأما الذي يقع موقوفاً باتفاق، فهو أمران: شركة المفاوضة. والتصرف على ولده الصغير، فإذا عقد المرتد مع المسلم عقد شركة مفاوضة في حال ردته وقع موقوفاً، فإذا أسلم نفذ، وإذا هلك بطل،وأما المختلف في توقفه، فهو كل ما كان مبادلة مال بمال، كالبيع بجميع أنواعه، ومنه الصرف، والسلم والعتق والتدبير، والكتابة، والهبة، والإجارة والوصية، فإن أسلم نفذ كل ذلك باتفاق، وإن هلك، أو لحف بدار الحرب بطل عند أبي حنيفة، ونفذ عندهما، لأن حقه في تصرفه في ملكه لا يبطل إلا عند هلاكه، كما تقدم.
وبقيت أشياء لم ينصوا عليها، وهي ما إذا أعطي الأمان لحربي، فإنه لا ينفذ، لأن أمان الذمي لا ينفذ، فمثله الحربي من باب أولى، وكذلك لا يكون من العاقلة فلا يعين في دية ولا يعان فيها، لأن ذلك معناه التناصر بين القوم والمرتد، لا تناصر بينه وبين المسلمين، فلا ينصر ولا ينصر أما إذا أودع المرتد وديعة عند أحد أو استودعه أحد وديعة فإنه يصح وكذا إذا التقط شيئاً، أو التقط أحد لقطته فإنه تجري عليه أحكامها.
فإذا لحق بدار الحرب ثم عاد مسلماً ووجد ماله باقياً مع ورثته كان له الحق في أخذه منهم بالرضا أو القضاء بشرط أن يكون ذلك المال قائماً بيد الورثة، أما إذا خرج عن ملكهم ببيع ونحوه فإنه قد ضاع عليه، فلا حق له فيه، أما الذي أخذ منه لبيت مال المسلمين، وهو الذي كسبه في حال ردته فإن لا حق له فيه على أي حال، على أنه إذا لم يكن له وارث وأخذ بيت المال ما كسبه في زمن إسلامه ثم حضر فإن له الحق فيه، لأنه لم يكن فيئاً للمسلمين، لما عرفت من أن الفيء مقصور على المال الذي كسبه في أيام ردته فقط.