پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1422

واعلم أن أموال المرتد لا تكون مملوكة له حال ردته ملكاً تاماً بل ملكاً موقوفاً حتى إذا أسلم عاد له ملكه التام كما كان قبل الردة بلا خلاف، أما إذا لم يسلم بأن قتل أو مات أو لحق بدار الحرب فإن ملكه يزول عن أمواله زوالاً تاماً، وعلى هذا لا ينفذ تصرفه فيها بالبيع أو الشراء أو الهبة أو غير ذلك قبل إسلامه، وهذا هو الصحيح، وغيره يرى أن ملكه لا يزول عن ماله إلا بأحد الثلاث المذكورة من القتل، أو الموت، أو اللحوق، فإذا تصرف قبل ذلك في كل ما فيه مبادلة مال بمال فإن تصرفه ينفذ، كما سيأتي قريباً.

ثم إذا مات أو قتل، أو لحق بدار الحرب انتقل ماله لورثته المسلمين، ويعتبر إسلامهم عند القتل، أو الموت، أو اللحوق بدار الحرب، فلو كان له ولد بالغ ارتد معه ولكنه أسلم في الأيام الثلاثة المضروبة مهلة للمرتد، وبقي مسلماً عند قتل والده، أو لحوقه بدار الحرب فإنه يرث، ومثل ذلك ما إذا وطئ أمة مملوكة له بعد ردته فحملت منه بولد فإن ذلك الولد يرث لأنه كان مسلماً تبعاً لأمه المسلمة، وهذا هو الأصح، وبعضهم يقول إنه يلزم أن يكون مسلماً وقت الردة، فلو ارتد معه ولده الكبير ثم أسلم قبل قتل أبيه فإنه لا يرث، ولكن هذا ضعيف. وليس لورثته حق إلا في المال الذي كسبه وهو مسلم. فيقتسمونه بينهم حسب الفريضة الشرعية، ومنهم الزوجة، بعد أن يقضوا منه الدين الذي استدانه بعد ردته، وذلك لأنه لا ملك له حال ردته، ثم إن تصرف المرتد قبل إسلامه منه ما ينفذ باتفاق. ومنه ما لا ينفذ باتفاق، ومنه ما يوقف باتفاق، ومنه ما هو مختلف في توقفه بين الإمام، وصاحبيه، فأما الذي ينفذ باتفاق فهو خمسة:

أحدها: الطلاق في العدة، لما مر قريباً. ثانيها: قبول الهبة، ثالثها: تسليم الشفعة، فإذا طالبه أحد بحقه في الشفعة وسلم فيه فإنه يصح، وهل له أن يأخذ هو شيئاً بالشفعة بعد ردته وقبل أن يسلم؟ فقال أبو حنيفة: إنه ليس له الحق ما لم يسلم ويطلب، فإذا لم يسلم ولم يطلب بطل حقه، وقال غيره إن له الحق في الشفعة. رابعها: الحجر على عبده المأذون، فلو كان له عبد أذنه بتجارة ونحوها فله حق الحجر عليه أثناء ردته. خامسها: الاستيلاء، أي ادعاء ولد الجارية، فإذا جاءت بولد حال ردته وادعاه ثبت نسبه منه، ويرث الولد مع ورثته، وتصير أمه أم ولد.

وأما الذي يبطل باتفاق، فهو خمسة أشياء أيضاً – وهي الأمور التي تتوقف على التدين بدين ولو لم يكن سماوياً، كالمجوسية وغيرها.