الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1412
ثم إن المالكية يقولون: إن غير المسلمين يقرون على أنكحتهم إذا دخلوا الإسلام، سواء كانت صحيحة في نظرنا، أو فاسدة إلا في أمور: أحدها نكاح المحارم بنسب، أو رضاع، كما إذا تزوج المجوسي بنته. أو أخته ثم أسلم فإنه لا يقر على ذلك بحال، أما حرمة المصاهرة فإنها لا تحصل بينهم إلا بالوطء، مثلاً إذا تزوج امرأة ولم يطأها. ثم تزوج أمها ووطئها وأسلم أقر على أمها، لأنه وإن تزوج بنتها ولكنه لم يطئها، وكذا إذا تزوج امرأة لم يطأها، ثم أسلم وتركها. فإنها لا تحرم على أبيه. ولا على ابنه لما عرفت من أن الذي يوجب حرمة المصاهرة بينهم هو الوطء. ثانيها: أن يتزوجها وهي في عدة الغير ثم يسلم. أو يسلما معاً فإنه يفرق بينهما، سواء دخل بها. أو لم يدخل، فإذا أسلم قبل انقضاء العدة التي عقد عليها فيها ثم وطئها بعد الإسلام تأبد تحريمها عليه، فلا تحل له أبداً، أما إذا أسلم بعد انقضاء العدة ووطئها بعد الإسلام فإن تحريمها لا يتأبد عليه بل يفرق بينهما، وله أن يجدد عقده عليها بعد انقضاء العدة. ثالثها: أن يتزوجها لأجل، وهو نكاح المتعة، ويسلم قبل انقضاء الأجل، ويطلب هو أو هي استمرار العقد إلى نهاية الأجل، فإنهما لا يقران على ذلك لأن إقرارهما عليه بعد الإسلام إقرار لنكاح المتعة الممنوع باتفاق، نعم إذا طلبا الاستمرار على زواجهما بصفة دائمة فإنهما يقران على ذلك، فإذا أسلما بعد انقضاء الأجل وهما يعيشان عيشة الزوجية وطلبا إقرارهما، فإنهما يقران.
وبعد، فإن أسلم الزوج وتحته امرأة كتابية فإنه يبقى على زواجه معها، سواء أسلمت، أو لا. وسواء كان الزوج صغيراً، أو كبيراً. وأما إن أسلم وتحته زوجة مجوسية، فإنه إن كان بالغاً فرق بينهما إلا إذا أسلمت بعده بزمن قريب، وقدر بشهر على المعتمد، فإن أسلمت بعد هذا الزمان فإن إسلامها لا ينفع في بقاء زوجيتها، فإن أسلمت بعده بزمن أقل من شهر بقيت الزوجية قائمة بينهما وإن كان الزوج صغيراً وقف النكاح بينهما حتى يبلغ، فإن لم تسلم بعد بلوغه فرق بينهما.
هذا إذا أسلم الزوج، أما إذا أسلمت الزوجة فإنها لا تحل لزوجها مادام على دينه، سواء كان كتابياً أو وثنياً. ولكن لا تبين منه إلا بعد أن يمضي زمن استبرائها منه بالحيض إن كانت مدخولاً بها، فإذا أسلم قبل مضي هذا الزمان بقيت زوجيتهما قائمة حتى ولو طلقها ثلاثاً حال كفره بعد إسلامها لأن طلاق الكافر لا عبرة به، فإذا انقضت عدتها قبل إسلامه بانت منه ولا نفقة لها عليه في مدة الاستبراء بعد إسلامها، سواء أسلم، أو لم يسلم على المختار إلا إذا كانت حاملاً فإنه يلزم بنفقتها اتفاقاً، هذا إذا أسلمت بعد الدخول، أما إذا أسلمت قبل الدخول، قبل أن يسلم، فإنها تبين منه بمجرد إسلامها على الراجح، سواء أسلم بعدها بزمن قريب، وهو أقل من شهر، أو لا. وبعضهم يقول: إذا أسلم بعدها بزمن قريب كان أحق بها فلا تبين منه، وعلى الأول فإنها تحل له بعقد جديد، أما إذا أسلما معاً فإنهما يقران على النكاح قبل الدخول وبعده.
والمراد بكون إسلامهما معاً أن يعلنا إسلامهما أمام المسلمين معاً، بأن يجيئا إلينا مسلمين، سواء أسلم قبلها، أو أسلمت قبله، لأن الترتيب لم نطلع عليه، فكأن إسلامهما لم يثبت إلا عند الإطلاع عليه، فالمعية هنا حكمية.
والفرقة في جميع ما تقدم فسخ بغير طلاق، والفسخ بغير طلاق يسقط المهر قبل الدخول.