الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1392
ولا يسقط حق المرأة بسكوتها بعد علمها زمناً طويلاً، حتى ولو كانت مقيمة معه وتضاجعه، وإذا رفعت أمها إلى القاضي وأحلها سنة، ثم أقامت معه في خلال تلك السنة بعد وضاجعته لا يسقط حقها أيضاً، لأن المفروض في التأجيل أن تخلطه لتجربه، فإذا انتهت السنة بعد ذلك ورفع الأمر للقاضي كي يأمره بالطلاق أو يفرق بينهما إذا امتنع، فضرب القاضي لها موعداً للخيار وخالطته أو ضاجعته بعد ذلك سقط حقها، وكذا إذا خيرها القاضي في المجلس فقامت ولم تقل: اخترت نفسي فإنه يسقط حقها حتى ولو أقامها أحد آخر، كأعوان القاضي، فإن الواجب عليها قبل أن تقوم أن تقول: اخترت عدم معاشرته أو اخترت نفسي.
والحاصل أن حقها يسقط بأمرين: قيامها معه ومضاجعتها له بعد تخيير القاضي. وقيامها من المجلس بعد التخيير في المجلس بدون اختيار. أما قبل ذلك فلا يسقط اختيارها.
ويشترط أن يكون التأجيل صادراً من القاضي، أما التأجيل الصادر منها أو من غيرها فإنه لا يعتبر، وظاهر كلامهم أن التأجيل الصادر من محكم لا ينفع أيضاً، مع أن المعروف أن للمحكم الفصل فيما حكم فيه، كالقاضي، وقد يجاب بأن القاضي هو المرجع في النهاية، إذ هو الذي يطلق إذا امتنع الزوج عن الطلاق، فلا يعتبر التأجيل إلا إذا كان صادراً عنه، فإذا عزل أو انتقل، وجب على القاضي الذي يحل محله أن يبني على تأجيل الأول.
وإذا ادعى أنه وطئها، وأنكرت، فإن كانت بكراً حكمت امرأة لها خبرة موثوق بعدالتها، فإن قالت: إن بكارتها أزيلت بالوطء حلف الزوج بأنه وطئها، فإن حلف قضي له، وإن نكل خيرت الزوجة بين الإقامة معه وطلاقها منه، على الوجه المتقدم، إذا لم يكن قد أجل له سنة، وإلا أجل له سنة بعد تقرير ذات الخبرة، وإن عرضت على امرأتين لهما خبرة كان أفضل وأوثق، أما إن كانت المرأة ثيباً حين تزوجها، فإنه يحلف بأنه وطئها من غير عرضها على ذات خبرة، ويعمل بقوله لأنه منكر لاستحقاق الفرقة، هذا هو المقرر، وقد يقال: إذا وجدت وسيلة يمكن بها معرفة الرجل إذا كان قد قدر على الوطء كما يقول أو لا، كالكشف الطبي، فلماذا لا يصار إليها دفعاً لتضرر المرأة، والنبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: “لا ضرر ولا ضرار” وعندي أنه لا مانع من ذلك لأنه هو الوسيلة الوحيدة للإثبات، خصوصاً أنهم أجازوا عرض المرأة على النساء إذا ادعى أنها رتقاء وأنكرت، ولا فارق بينهما.