الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1390
هذه أحكام العيوب التي تجعل لكل من الزوجين الحق في الفسخ، وهناك عيوب أخرى كالسواد والقراع والعمى والعور والعرج والشلل وكثرة الأكل، فإنها لا تعتبر إلا إذا اشترط أحد الزوجين السلامة منها صريحاً، ولا يعتبر العرف في هذه الحالة، فإن العرف كالشرط في غير النكاح لأن النكاح مبني على التسامح في مثل هذه الأمور، بخلاف البيع، فإذا اشترط الزوج سلامة المرأة من عيب من هذه العيوب صح، فإذا اطلع على عيب اشترط السلامة منه قبل الدخول كان مخيراً بين أمرين، وهما الرضا، وعليه جميع الصداق المسمى، أو يفارق، ولا شيء عليه، أما إذا اطلع على العيب بعد الدخول، وأراد بقاءها، أو مفارقتها، ردت إلى صداق مثلها، وسقطت الزيادة في مقابل ما اشترطه ما لم يكن صداق مثلها أكثر من المسمى، فإنه يلزمه المسمى، ومن ذلك ما إذا اشترط أنها بكر فوجدها ثيباً، فإن له الخيار على الوجه المتقدم).
(2) (الحنفية – قالوا: إن لا فسخ إلا بالجب. والعنة والخصاء، فإذا وجد عيب منها في الرجل كان للمرأة الخيار، وقد عرفت أنه لا خيار للرجل بوجود عيب في بضع المرأة من رتق أو نحوه، ولكن له الحق في إجبارها على إزالته بجراحة وعلاج. كما أنه إذا يئس من علاجها فله مفارقتها بالطلاق في هذه الحالة، لأن الزوجية قائمة على الاستمتاع، وفي فراقها عند اليأس من العلاج بدون تشهير فيه رحمة بها، ومثله من له آلة صغيرة لا تصل إلى داخل الفرج.
ثم إن عيوب الرجل التي تجعل للمرأة حق طلب الفسخ تنقسم إلى قسمين: قسم لا يمكن علاجه بحال من الأحوال، وهو الجب – قطع عضو التناسل – ويلحق به ما إذا كانت له آلة صغيرة لا تصل إلى النساء بأصل الخلقة. وقسم يمكن علاجه، وهو العنة، فالعنين هو الذي لا يستطع إتيان زوجته في قلبها ولو انتصبت آلته قبل أن يقرب منها، وإّذا أمكنه أن يأتي غيرها، أو يأتي الثيب دون البكر. أو أمكنه أن يأتي زوجته في دبرها لا في قلبها، فمن وجدت فيه حالة من هذه الأحوال كان عنيناً بالنسبة لزوجته، وكان لها حق طلب الفسخ، ولكل من القسمين أحكام:
فأما المجبوب وما يلحق به فإن للمرأة به طلب الفسخ حالاً بدون تأجيل، بشروط خمسة:
الشرط الأول: أن تكون حرة، فإن كانت أمة كان حق الفسخ لوليها لا لها.
الثاني: أن تكون بالغة، فإن كانت صغيرة ينتظر بلوغها لجواز أن ترضى به بعد البلوغ، أما العقل فإنه ليس بشرط، لأن الزوجة إذا كانت مجنونة وزوجها وليها من مجبوب كان لوليها حق طلب الفسخ، فإن لم يكن لها ولي نصب لها القاضي من يخاصم عنها.
الشرط الثالث: أن لا تكون المرأة معيبة بعيب يمنع من الوطء، كالرتق. والعفل والقرن. فإن كانت هي معيبة فلا معنى لطلبها للفرقة، وإذا اختلفا في الرتق. فادعى الرجل أنها رتقاء وأنكرت كان للرجل عرضها على النساء الخبيرات، أي الطبيبات.
الرابع: أن لا تكون عالمة به قبل الزواج، فإن كانت عالمة ورضيت بالعقد، فإن حقها في الفسخ يسقط، أما العلم بعد الزواج مع عدم الرضا، فإنه لا يسقط.