الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1325
ويظهر أن هذه الأمثلة يرتب فيها العقد الفاسد آثاره لما فيها من شبهة الحل بالقياس على غيرها، فإنه لولا مراعاة رابطة الأخاء لم يكن هناك فرق بين الأخت والأجنبية في عدم انتظار الرجل، وكذا لولا مراعاة أن المتزوج أربعاً لا يحل له العقد على خامسة، والمرأة المطلقة في حكم الباقية على ذمته ما دامت معتدة منه، لم هناك وجه لانتظار عدتها، ولذا لو كان متزوجاً ثلاثاً وطلق إحداهن فإن له الحق أن يعقد على أخرى بدون انتظار، فلذا اعتبر الحنفية هذه الأمثلة من النكاح الفاسد لا الباطل لما فيها من شبهة تجعل لصاحبه المعذرة، على أن نقول فيما يترتب على النكاح الفاسد من الآثار قد اختلفت، حتى إن بعضهم قال: إن الصواب ثبوت العدة والنسب في النكاح الباطل والفاسد بلا فرق في جميع الأمثلة المذكورة، ولكن المشهور ما ذكرناه من التفصيل.
ثم إن النكاح الفاسد، أو الباطل لا يتوقف فسخه على القاضي، بل لكل واحد منهما فسخه ولو بغير حضور صاحبه، سواء دخل بها، أو لا. وتجب العدة من وقت التفريق. ويثبت النسب له كما تقدم، وتعتبر مدة ثبوت النسب – وأقلها ستة أشهر – من وقت الوطء، فإذا وطئها أول يوم من الشهر، ثم جاءت بولد بعد نهاية ستة أشهر ثبت نسبه منه، وإلا فلا.
وسيأتي بيان ذلك في مبحث العدة.
الشافعية – قالوا: الوطء يتأكد به جميع الصداق متى كان بعقد صحيح كما يقوله الحنفية والحنابلة، إلا في نكاح المفوضة، وهي التي تفوض أمر زواجها إلى الولي بدون مهر، فإنه يتقرر لها بالوطء المبني على العقد الصحيح مهر المثل، فإن طلقها قبل الوطء فلا شيء لها، وإنما تجب لها المتعة الآتي بيانها، وكذلك يتقرر لها مهر المثل بموت أحدهما. أو بفرض صداق لها برضاهما أو بحكم القاضي لأن للمفوضة الحق في طلب فرض المهر قبل الوطء، فيتأكد لها المهر بثلاثة أمور: الوطء، أو موت أحدهما ولو قبل الوطء، أو فرض المهر، وكما يتقرر لها بالوطء في العقد الصحيح كذلك يتقرر لها مهر المثل بالوطء في العقد الفاسد، وذلك لأن الوطء يجب مهر المثل في العقد الفاسد للشبهة وفي الحالة الآتي بيانها.
والنكاح الفاسد هو ما اختل فيه شرط من الشروط المتقدمة، أما النكاح الباطل فهو ما اختل فيه ركن، وحكم الفاسد والباطل واحد في الغالب، فمن الأنكحة الباطلة نكاح الشغار الآتي بيانه، وهو أن يزوج بنته في مقابل زواج بنت الآخر بدون مهر. ومنها نكاح المتعة المتقدم ذكره، و الأول باطل لاختلال ركنه، وهو الزوجة، فإن جعلها محلاً للعقد هي وصداقها للأخرى فمورد النكاح الذي يرد عليه: امرأة، وصداق، فقد جعل المرأة عوضاً. ومعوضاً، والثاني باطل لاختلال الصيغة. وهي من أركان النكاح، لأنه يشترط فيها أن لا تكون مؤقتة بوقت. ومنها نكاح المحرم بالنسك، وهو باطل لاختلال المحل، وهو الزوج أو الزوجة وهما ركنا النكاح إذ الشرط خلوهما من الموانع، والاحرام من الموانع عند الشافعية ومنها أن ينكح الولي من له عليها الولاية لرجلين، ولا يعرف العقد السابق، فإن العقدين يبطلان كما تقدم، وبطلانهما لاختلال المحل، وهو المرأة، فإنها ليست محلاً لتزوج اثنين.