پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1324

ثم إن النكاح الفاسد قسمان: قسم يوجب المهر ويثبت به نسب، ولا تجب به عدة، ويقال له: باطل، وذلك كما إذا تزوج محرماً من محارمه، فإن العقد على واحدة منهن وجوده كعدمه، ومثله العقد على متزوجة. أو معتدة إن علم أنها للغير، فهذا العقد كعدمه، وهو عقد باطل يوجب الوطء به الحد إن كان عالماً بالحرمة، وإلا رفع عنه الحد لشبهة، ومثله أيضاً إذا أرغمته على أن ينكحها مكرهاً، فإن النكاح في هذه الحالة لا يوجب مهراً، ولكن بعد الوطء يثبت به النسب وتجب العدة.

وقسم يجب به المهر، والعدة، ويثبت به النسب، وذلك فيما إذا فقد شرطاً من شرائط الصحة عندنا، ولكن قال بجوازه غيرنا، ومثاله النكاح بدون شهوة، فإن المالكية قالوا: بصحة العقد من غير شهود. ونكاح أم المزني بها، والمنظور إليها بشهوة، ونكاح البنت من الزنا، فإن العقد عليها صحيح عند الشافعية. وكذلك العقد على من طلقت بعد الخلوة الصحيحة بدون عدة. فإنه صحيح عند الشافعية لأن العدة لا تثبت إلا بالوطء، وكذا نكاح الأمة على الحرة فإنه يصح عندنا ولكن الشافعية قالوا بجوازه إذا كانت الأمة غير مملوكة له، أما إذا كانت مملوكة فإنه لا يصح له العقد عليها، لأن العقد الملك وعقد الزواج بينهما تناف في الأحكام، فالعقد في هذه الأمثلة وإن كان فاسداً عندنا ولكنه صحيح عند غيرنا، فيجب به المهر، وتثبت به العدة، والنسب، وهناك أمثلة أجمع الأئمة الأربعة على فسادها، ولكن الحنفية يقولون: إن الوطء فيها يثبت به النسب. وتجب به العدة. ولا يحد فاعله، كما إذا تزوج الأختين معاً في عقد واحد، ودخل بهما، أو تزوج أخت مطلقته قبل انقضاء عدتها منه. أو طلق امرأته الرابعة وعقد على غيرها قبل انقضاء عدتها. أو تزوج في عقد واحد ووطئهن. فإن ظاهر كلامهم أن العقد فاسد لا باطل، بمعنى أنه يجب به المهر، وتجب به العدة، ويثبت به النسب، مع أنه لم يقل أحد من الأئمة المعروفين بجوازه، على أن بعضهم قال: إذا تزوج الكافر مسلمة فولدت منه يثبت النسب، وإن دخل بها تجب العدة بفراقها، ولكن الصحيح أن هذا العقد باطل لا قيمة له، فلا يثبت به نسب، ولا تجب به عدة، كنكاح المحارم، والمعتدة سواء بسواء.