الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1321
ويشترط في الثالث الذي يمنع الخلوة أن يكون كبيراً يعقل. أم إذا كان صغيراً لا يعقل. بحيث يمكنه أن يعبر عما وقع بينهما. فإنه يمنع الخلوة. وإذا كان الكبير الذي يعقل أعمى. أو نائماً فإنه يمنع صحة الخلوة لأن النائم يخشى تنبهه. والأعمى يشعر ويحس. لا فرق بين أن يكون ذلك بالليل. أو بالنهار على التحقيق. إلا إذا عرف الزوج حالهما أنهما لا يعرفان. كما إذا كان بالأعمى صمم أو كان النائم ثقيل النوم لا يدرك شيئاً أو لا يستيقظ فإن الخلوة في هذه الحالة تصح مع وجودهما وإذا كانت معهما جارية أحدهما. فإنها لا تمنع الخلوة، وإذا كان معهما كلب فإن كان عقوراً، فإنه يمنع الخلوة، سواء كان كلب الرجل أو المرأة لعدم قدرتها عليه حال الوطء أما إذا كان غير عقور. فإنه يمنع إذا كان للزوجة. لأنها هي التي تفترش فيظن الكلب أن ذلك اعتداء عليها فيمنعها وقال بعض المحققين إن كلب الرجل لا يمنع مطلقاً. سواء كان عقوراً أو غيره وذلك لأن صاحبه هو الأعلى. فلا يهيجه شيء. أما أنا فأقول: إن كلبيهما لا يمنعان مطلقاً. لأن كلاً منهما يستطيع إسكاته بانتهاره. فإذا لم يستطيعا انتهاره لا فرق بين أن يكون للرجل أو للمرأة فإن كلب الرجل يهيج على المرأة انضماماً لصاحبه. وكلبها يهيج على الرجل انضماماً لصاحبته، بصرف النظر عن كون صاحبه غالباً، أو مغلوباً، فالذي أراه أن الكلب إذا كان لا يمكن زجره، منع من صحة الخلوة، وإلا فلا، سواء كان للرجل أو للمرأة.
فالخلوة بهذه الشروط يتقرر بها جميع المسمى من الصداق، وجميع مهر المثل عند عدم التسمية، وكذلك يثبت بها النسب. ولو من المجبوب، وتلزم بها النفقة، والسكنى، والعدة، وحرمة نكاح أختها. فهي تقوم مقام الوطء، إلا في حق زوال البكاوة، فإن الخلوة دون الوطء تجعل المرأة بكراً تتزوج كالأبكار، وكذا في حق الإحصان، فإن الخلوة لا تجعلهما محصنين، وكذا في حق حرمة البنات، فإن الرجل إذا خلا بالزوجة لا تحرم عليه بنتها. وكذا إذا كانت مطلقة ثلاثاً وخلا بها بدون وطء، فإنها لا تحل للأول كما تقدم، وكذا في حق الميراث، ولا تورث بالخلوة.
هذا، وهل تجب العدة بالخلوة الفاسدة، أو لا؟ خلاف، والصحيح أنها تجب احتياطاً، وذلك لأن المرأة سلمت نفسها، ولكن وجد مانع من جهته، مثل إذا خلا الرجل بالمرأة في مكان، وكانت حائضاً، أو نفساء، أو كان أحدهما صائماً رمضان، أو كان أحدهما مريضاً مرضاً ثقيلاً، أو كان بها مانع حسي، فإن خلوته بها توجب الظن على أي حال، فيجب أن تعتد منه في الجميع.
وبعضهم يرى أنها تعتد إذا كان المانع شرعياً، كالحيض، والنفاس، والصيام، لأن هذا يتأتى معه الوطء، بخلاف ما إذا كان المانع طبيعياً، كالمرض الشديد الذي لا يتأتى معه الوطء، وكما إذا كان بالمرأة مانع طبيعي يمنع الوطء، فإن الخلوة في هذه الحالة لا قيمة لها مطلقاً، ولكن المذهب الأول، لأن العدة ليست مبنية على الوطء، وإنما هي مبنية على تسليم المرأة نفسها للوطء في مكان صالح له، فإذا تحقق هذا المعنى، وجبت العدة ظاهراً، وهل تجب ديانة؟ والجواب، أن لا فرق في هذا السؤال بين أن تكون العدة صحيحة أو فاسدة، فقد قالوا: إذا كانت المرأة موقنة بأنه لم يطأها. حل لها أن تتزوج بدون عدة، ديانة لا قضاء.
وبعد فقد ذكرنا لك ثلاثة أمور، يتأكد بها جميع الصداق، وهي الوطء، والخلوة الصحيحة. وفصلنا لك الكلام في الخلوة، لتكون على بينة منها.
(يتبع…)
(تابع… 1): – ينقسم الصداق إلى قسمين: الأول ما يجب بالعقد الصحيح. الثاني: ما يجب… …
والثالث: موت أحد الزوجين، وموت الرجل قبل الدخول: مثل الوطء في حق العدة، والمهر، وموت أحدهما، مثل الوطء في حق المهر.