پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1316

وقد أورد على قولهم: كل ما صح ثمناً، صح صداقاً، انه لو تزوج عبد امرأة حرة على أن يكون مملوكاً لها، فإنه لا يصح، بل يبطل النكاح، لأن كونه مملوكاً ينافي كونه زوجاً لها، إذ لا يجوز أن يتزوج العبد سيدته، ولكن العبد يصح أن يكون ثمناً لشيء آخر، فقولهم: كل ما يصح ثمناً، يصح مهراً لا يطرد، وأيضاً لو جامع شخص أمه بشبهة، وجاءت منه بولد، ثم اشتراها وكبر ولده، فأراد أن يجعلها مهراً لابنه في عقد زواجه، فإنه لا يصح، لأن معنى ذلك أنها تدخل في الولد أولاً حتى يصح كونها صداقاً، ومتى ملكها عتقت عليه، وبذلك تكون حرة فلا تصلح أن تكون صداقاً، وهي تصح أن تكون ثمناً لشيء آخر.

وذكر بعضهم مثالاً آخر، وهو ما إذا كان معه ثوب واحد يتوقف عليه ستر عورته، فإنه لا يصح جعله صداقاً، وإن صح جعله ثمناً، ولكن هذا المثال ليس بشيء. لأنه متى توقف عليه ستر العورة، فإنه لا يصح جعله صداقاً وثمناً، وهو ظاهر، والجواب عن هذا أن المراد بقولهم: كل ما صح ثمناً صح صداقاً في الجملة بحيث إذا لم يمنع آخر، كما في الأمثلة المذكورة، فإن الذي منع كونها صداقاً ما عرض لها من الحرية ومنافاة كون العبد زوجاً لسيدته.

الحنابلة – قالوا: يصح المهر بالمنافع كما يصح بالأعيان، فلو تزوجها على أن يرعى لها غنمها أو يزرع لها أرضها. أو نحو ذلك، فإنه يصح بشرط أن تكون المنفعة معلومة، فإن كانت مجهولة فإن التسمية لا تصح، ويلزم بمهر المثل، ويصح للحر أن يتزوج امرأة على أن يخدمها مدة معلومة. أو على أن يأتي لها بخادم حر يخدمها مدة معلومة. والعبد من باب أولى، وكذلك يصح أن يتزوجها على عمل معلوم، كخياطة ثوب معين، سواء خاطه هو، أو غيره، فإن تلف الثوب قبل خياطته كان عليه نصف قيمة أجرته، وإن طلقها قبل الدخول. وقبل خياطته كان عليه نصف خياطته إن أمكن وإلا فعليه نصف الأجرة، وكذلك يصح أن يتزوجها على تعليم أبواب من الفقه أو الحديث. أو على تعليم شيء مباح من الأدب. والشعر، أو تعليم صنعة. أو كتابة أو غير ذلك مما يجوز أخذ الأجرة عليه فإنه يصح، ويلزم به إن تعذر عليه تعليمها، فإن طلقها قبل الدخول. وقبل تعليمها، فإنه يلزم أجرة تعليمها، وإن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجرة، إن كانت الفرقة من قبله، أما إن كانت بسببها، فإنه يرجع عليها بكل الأجرة.

هذا، ولا يصح أن يكون تعليم القرآن صداقاً” فإذا قال لها: تزوجتك على أعلمك القرآن. أو بعضه، فإن التسمية لا تصح، ويلزم بمهر المثل، وما ورد في حديث الواهبة نفسها، من أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال له: “زوجتك إياها بما معك من القرآن”. فإن معناه بسب كونك من أهل القرآن، فلم يكن مهراً، ولم يشر في الحديث إلى التعليم.