پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1301

وذلك هو نكاح المتعة. أو النكاح المؤقت. فهو يشبه الحكم العرفي المؤقت بضرورة الحرب وذلك لأن الجيش يحتوي على شباب لا زوجات لهم ولا يستطيعون الزواج الدائم كما لا يستطيعون مقاومة الطبيعة البشرية، وليس من المعقول في هذه الحالة مطالبتهم بإضعاف شهواتهم بالصيام، كما ورد في حديث آخر، لأن المحارب لا يصح إضعافه، بأي وجه، وعلى أي حال. فهذه الحالة هي الأصل في تشريع نكاح المتعة، يدل على ذلك ما رواه مسلم عن سبرة، قال: أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمتعة عام الفتح، حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج حتى نهانا عنها، فهذا صريح في أنه حكم مؤقت اقتضته ضرورة القتال.

وروى ابن ماجة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: “يا أيها الناس إني كنت أذنت في الاستمتاع، ألا وإن اللّه حرمها إلى يوم القيامة”

وهذا هو المعقول الذي تقتضيه قواعد الدين الإسلامي، التي تعتبر الزنا جريمة من أفظع الجرائم وتحظر كل ما يثير شبهة، أو يسهل ارتكاب منكر، ويكفي في ذلك قوله تعالى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً

وقوله صلى اللّه عليه وسلم: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن”، وكفى بالزنا إثماً أنه يترتب عليه هتك الأعراض. واختلاط الأنساب. وفقد الحياء. وغير ذلك من الرذائل التي جاء الإسلام بمحاربتها، والقضاء عليها، وقد نجح في ذلك مع هؤلاء العرب نجاحاً باهراً. فقد يدرج بهم في معارج الأخلاق الفاضلة حتى وصلوا إلى نهاية ما يمكن أن يصل إليه البشر من مكارم الأخلاق. فكانوا في ذلك قدوة للعالم في كل زمان ومكان فليس من المعقول أن يكون النكاح المؤقت من قواعد الإسلام التي هذا شأنها، أما ما روي من أن ابن عباس قال: أنه جائز فالصحيح أنه قال ذلك قبل أن يبلغه نسخه، وقد وقعت بينه وبين ابن الزبير مشادة في ذلك، فقد روي أن ابن الزبير قال: ما بال أناس أعمى اللّه بصائرهم كما أعمى أبصارهم يقولون بحل نكاح المتعة يعرض بابن عباس، لأنه كف بصره فقال ابن عباس: إنك جلف جاف، لقد رأيت إمام المتقين رسول اللّه يجيزه، فقال له ابن الزبير، واللّه إن فعلته لأرجمنك، فظاهر هذا أن عباس لم يبلغه النسخ، فلما بلغه عدل عن رأيه، فقد روى أبو بكر بإسناده عن سعيد بن جبير أن ابن عباس قام خطيباً. فقال: إن المتعة كالميتة والدم ولحم الخنزير، وذلك مبالغة في التحريم، وبهذا كله يتضح أن نكاح المتعة أو النكاح المؤقت باطل باتفاق المسلمين، وما نقل من إباحته في صدر الإسلام، فقد كان لضرورة اقتضتها حالة الحرب والقتال.

وبعد: فلنذكر لك تفاصيل المذاهب في أسفل الصحيفة (1).

————————-