پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1296

(1) (الحنفية – قالوا: إذا اشترط أحد الزوجين في عقد الزواج شرطاً. فلا يخلو إما أن يكون الشرط مقارناً للعقد، أو يكون معلقاً على الشرط “بأن” ونحوها، مثال الأول: أن يقول: تزوجتك على أن لا أبيت عندك، ومثال الثاني: أن يقول: تزوجتك إن قدم محمد، فأما الأول فالقاعدة فيه أن لا يؤثر في العقد مطلقاً، ثم إن كان هو من مقتضى العقد. فإنه ينفذ بطبيعته، وإلا بطل الشرط وصح العقد، فالشروط التي يقتضيها العقد، كأن يشترط خلوها من الموانع الشرعية، فلو قال لها: تزوجتك على أن لا تكوني زوجة للغير. أو على أن لا تكوني في عدته. أو على أن لا خيار لك. أو نحو ذلك مما يتوقف عليه صحة العقد، فإنه صحيح نافذ بطبيعته، وكذا إذا اشترطت عليه أن يكون كفأً، وأما الشروط التي لا يقتضيها العقد فكأن يقول لها: تزوجتك على أن أحللك لمطلقك ثلاثاً أو يقول لها: تزوجتك على أن يكون أمرك بيدك أو على أن تطلقي نفسك متى أردت، ونحو ذلك فإن مثل هذه الشروط تلغو ولا يعمل بها،ويصح العقد.

فإن قلت: إنكم قلتم: إذا اشترط الرجل الطلاق للمرأة، كأن قال لها تزوجتك على أن تطلقي نفسك كان الشرط فاسداً، بخلاف ما إذا اشترطت هي أن يكون الطلاق بيدها، فإن الشرط يكون صحيحاً ويعمل به، فما الفرق بينهما؟ قلت: إن الطلاق في الواقع ونفس الأمر من اختصاص الرجل وحده، فينبغي أن يكون بيده لا بيد المرأة، فلا يصح أن يشترط بنفسه ما يجب أن يكون له لا لها، ومقتضى هذا أنه لا يصح له أن يقبله منها لما فيه من قلب النظم الطبيعية في الجملة، ولكن لما كان قبول مثل هذا الشرط قد يترتب عليه مصلحة الزوجية وحسن المعاشرة ودوام الرابطة أحياناً، اعتبره المشرع صحيحاً مقبولاً، خصوصاً إذا لوحظ أنه في كثير من الأحيان تخشى المرأة الاقتران بالرجل عند عدم وجود ضمان كهذا، فيكون مثل هذا الشرط من مصلحة الزوجين معاً فيكون صحيحاً، فكأن الشريعة قد سهلت بذلك الجمع بين الزوجين اللذين قد يتوقف الجمع بينهما على هذا الشرط، ولكنها من جهة أخرى حظرت على الرجل أن يكون هو الساعي في نقض ما تقتضيه الطبيعة من كون الطلاق بيده لا بيدها، فلا يصح إن اشترطه هو لها، ويصح أن يقبله منها إذا اشترطته.

ومن الشروط المقارنة للعقد أن يشترط أحد الزوجين أو هما، الخيار لنفسه. أو لغيره ثلاثة أيام: أو أكثر، أو أقل. فلو قال لها: تزوجتك على أن يكون لي الخيار. أو لأبي الخيار ثلاثة أيام، وقالت: قبلت انعقد النكاح وبطل الشرط، فلا يعمل به. وكما أن النكاح ليس فيه خيار شرط كذلك ليس فيه خيار رؤية، ولا خيار عيب، فلو تزوج امرأة بدون أن يراها، فليس له الخيار في العقد بعد رؤيتها، وكذلك إذا تزوج امرأة بها عيب لا يعلم به، ثم اطلع عليه بعد، فإنه ليس له الخيار أيضاً، ويستثنى من ذلك أن يكون الرجل معيباً بالخصاء أو الجب أو العنة، فإذا تزوجت المرأة رجلاً، ثم وجدته عنيناً كان لها الخيار في فسخ العقد وعدمه، وكذا إذا كان مجبوباً – مقطوع الذكر – أو كان خصياً – مقطوع الانثيين – فإن لها الخيار في هذه الحالة، أما ما عدا ذلك من العيوب، فلا خيار فيه لا للرجل ولا للمرأة.