الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1279
المالكية – قالوا: تثبت حرمة المصاهرة بالعقد الفاسد، والعقد الفاسد نوعان: مجمع على فساده، وغير مجمع على فساده في المذاهب الأخرى، وهذا لا ينشر الحرمة إلا بالوطء ومقدماته، وذلك كنكاح امرأة معتدة، وهو غير عالم، أو نكاح أخته رضاعاً بدون علمه، فإن النكاح فاسد بالإجماع، ويدرأ الحد عن الفاعل لأن فيه شبهة. وهذا العقد لا يحرم إلا بالوطء أو مقدماته أما العقد الذي لم يجمع على فساده بأن قال به بعض العلماء ولو في مذهب غير مذهب المالكية، كنكاح المحرم بالنسك فإنه صحيح عند الحنفية، فاسد عند المالكية، وكذلك نكاح المرأة نفسها بدون ولي ونحوه فإنه ينشر حرمة المصاهرة كالصحيح.
ومن الفاسد النكاح الموقوف على إجازة الغير، فإذا زوج الرجل ابنه العاقل البالغ بغير إذنه وهو غائب فلم يرض الابن بالزواج ورد النكاح كان هذا من القسم الثاني، فيحرم به ما يحرم بالعقد الصحيح، ولا يشترط أن يكون العقد بين كبيرين بل يحرم العقد على الصغيرة للصغير.
أما الزنا فإن المعتمد أنه لا ينشر الحرمة، فمن زنى بامرأة فإن له أن يتزوج بأصولها وفروعها ولأبيه وابنه أن يتزوجها وفي تحريم البنت المتخلقة من ماء الزنا على الزاني وأصوله و فروعه خلاف، والمعتمد الحرمة، فإذا زنى بامرأة فحملت منه سفاحاً ببنت وجاءت بها فهي محرمة عليه وعلى أصوله وفروعه، ولو رضعت من لبنها بنت كانت محرمة أيضاً لأنه لبنه الذي جاء بسبب وطئه الحرام.
وبعضهم يقول: إن المتخلقة من ماء الزنا لا تحرم – كما يقول الشافعية – لأنها لم تعتبر بنتاً بدليل أنه لا توارث بينهما، ولا يجوز له الخلوة بها، وليس له إجبارها على النكاح باتفاقهم فكيف تعتبر بنتاً محرمة وكيف يكون لبن أمها محرماً؟ وهذا القول وجيه وإن لم يكن معتمداً، ومثل بنت الزنا ابن الزنا، فإذا جاءت منه بولد حرم عليه أصول أبيه وفروعه، وتجوز المخلوقة من ماء زنى الأخ لأخيه، وإذا زنى بها وهي حامل، فقيل: لا تحرم، وقيل: تحرم لأنه سقاها بمائه ولكن المشهور أنها لا تحرم.
هذا، ولا يشترط في الدخول بالأمهات الوطء، بل يكفي التلذذ بها ولو بعد موتها، ويتحقق التلذذ بالنظر إلى داخل جسمها إن وجدت اللذة وإن لم يقصدها، أما إن قصد ولم يجد فلا تلذذ، فمن عقد على امرأة ولو عقداً فاسداً وتلذذ على هذا الوجه حرمت عليه بنتها وبنت بنت بنتها وإن سفلت كما حرمت عليه أصولها.
ولا يحرم النظر إلى وجهها ويديها: وإنما يحرم تقبيل الوجه أو اليد أو الفم أو لمسها بشهوة.