الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1272
ومع هذا فإن للولي وللزوجة ترك الكفاءة في الدين والحال، فتتزوج من فاسق بشرط أن يكون مأموناً عليها. فإن لم يكن مأموناً عليها رده الحاكم وإن رضيت به حفظاً للنفوس، وإذا رضي الولي بغير كفء فطلقها ثم أراد أن يرجع لها ثانياً ورضيت به فليس للولي الامتناع ثانياً.
وإذا أراد الأب أن يزوج ابن أخيه الفقير ابنته الموسرة، فهل لأمها الاعتراض أو لا ؟ خلاف في هذه المسألة، وقواعد المذهب تفيد أن ليس لها اعتراض إلا إذا خيف عليها الضرر.
الشافعية – قالوا: الكفاءة أمر يوجب عدمه عاراً. وضابطها مساواة للزوجة في كمال أو خسة ما عدا السلامة من عيوب النكاح، فإن المساواة فيها لا توجب أن يكون كل منهما كفأً لصاحبه فإن كان كل منهما أبرص، أو مجذوماً كان لكل منهما حق طلب الفسخ، ولا يقال: إنهما متساويان في العيب، لأن الإنسان يكره من غيره ما لا يكره من نفسه.
وتعتبر الكفاءة في أنواع أربعة: النسب. والدين. والحرية. والحرفة، فأما النسب صنفان: عربي، وغير عربي – وهو الأعجمي – والعربي قسمان: قرشي، وغير قرشي، فالقرشيون أكفاء لبعضهم بعضاً، إلا إذا كانوا من بني هاشم، وعبد المطلب، فإن غيرهم من قريش ليس كفأً لهم، وباقي العرب ليسوا أكفاء لقريش، ولكنهم أكفاء لبعضهم بعضاً، والعجم ليسوا أكفاء للعرب ولو كانت أمهاتهم من العرب.
ثم إن المرأة إذا كانت تنتسب إلى شخص تشرف به وجب أن يكون
الزوج منتسباً إلى مثل هذا الشخص سواء كانا من العجم أو من العرب.
وحاصله أن الكفاءة تعتبر أولاً في النوع بمعنى أن العرب نوع، والعجم نوع، ثم ينقسم العرب إلى قرشيين وغيرهم فالقرشيون أفضلهم، على أن بينهما تفاوتاً أيضاً، وهو أن بني هاشم والمطلب أفضل من الباقين، ومتى تحققت الكفاءة في النوع لزم أن تتحقق أيضاً في شخص الزوجين فإذا كانت الزوجة منتسبة إلى شخص تشرف به وجب أن يكون الزوج كذلك منتسباً إلى مثل من تنسب إليه، والعبرة في النسب للآباء لا للأمهات، إلا في بنات فاطمة رضي اللّه عنها، فإنهن منسوبات إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهن أرقى الأنواع من عرب وعجم.
(يتبع…)
(تابع… 1): – يتعلق بالكفاءة أمور: الأول تعريفها. الثاني: هل هي شرط في صحة العقد… …
وما قيل في العرب يقال في العجم، فيقال: الفرس مثلاً أفضل من النبط، وبنو إسرائيل أفضل من القبط، فإذا كانت المرأة تنتسب إلى عظيم وجب أن يكون الرجل مثلها منتسباً إلى عظيم مكافئ، وقيل: لا يعتبر هذا التفاوت في العجم.