پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1270

وأما الجواب عن الثالث فهو أن الكفاءة في الأمور المذكورة من حق الولي بشرط أن يكون عصبة، ولو كان غير محرم، كأن كان ابن عم يحل له زواجها، أما ذوو الأرحام، والأم، والقاضي فليس لهم حق في الكفاءة، ثم إذا سكت الولي عن الاعتراض حتى ولدت المرأة فإن حقه يسقط في الكفاءة، فإذا لم يعلم بالزواج حتى ولدت فالظاهر أن حقه يسقط، لأن الولادة قد أحدثت بينهما روابط تنسى معها الاعتبارات الأخرى، وأيضاً فإن للولد حقاً في الكرمة، فلا ينبغي أن يسجل عليه عار أبيه، والقواعد دائماً تقضي بمراعاة الولد خوفاً عليه من الضياع، فإذا اعترض الولي وفسخ القاضي النكاح فعادت المرأة وزوجت نفسها من غير الكفء ثانياً عاد حق الولي في الاعتراض وفسخ القاضي النكاح ثانياً، كما إذا زوجها الولي من غير كفء بإذنها فطلقها زوجها ثم زوجت نفسها منه ثانياً كان للولي حق الاعتراض ولا يكون رضاه بالزواج الأول حجة عليه في الثاني الذي لم يرض به، فإذا طلقها زوجها غير الكفء الذي رضي به الولي في الأول طلاقاً رجعياً ثم راجعها في العدة لم يكن للولي حق الاعتراض لأن العقد الأول لم يتجدد.

وبعضهم يقول إن الكفاءة شرط في صحة العقد، فيقع العقد باطلاً من أول الأمر إذا تزوجت بغير كفء وكان لها ولي ولم يرض بالنكاح قبل العقد، فإذا رضي به قبل العقد وامتنع بعده فإنه لا يعتبر، وهذا القول هو المفتى به، وهو أقرب إلى الاحتياط.

وعلى القول الأول إذا مات أحدهما قبل تفرقة القاضي يتوارثان، لأن العقد صحيح لا ينقطع إلا بفعل القاضي، وفعل القاضي في هذه الحالة فسخ لا طلاق، فإن وقعت الفرقة قبل الدخول فلا شيء لها من المهر، وإن وقعت بعده كان لها المسمى لا مهر المثل، وكذا لها المسمى بالخلوة الصحيحة، وعليها العدة، ولها نفقة العدة ولها أن تمكنه من الوطء، ولها أن لا يمكنه وأما على المفتى به فإنه لا يترتب عليه شيء من ذلك، ويحرم على المرأة أن تمكنه من الوطء لأن العقد باطل لا انعقاد له.

وعلى هذا فلو تزوجت امرأة مطلقة ثلاث طلقات بزوج غير كفء من غير رضا الولي، ثم طلقها فإنها لا تحل للزوج الأول لأن العقد وقع باطلاً، فكأنه لم يكن. أما إذا لم يكن لها ولي أو كان ورضي قبل العقد فإنها تحل لزوجها الأول بعد طلاقها من الثاني غير الكفء باتفاق.

وإذا كان لها أولياء متساوون في الدرجة ورضي بعضهم صح سقط حق الباقين في الاعتراض وإن كان الحق للأقرب دون غيره، فإن لم يكن لها أولياء من العصب صح العقد ونفذ على أي حال.

وهل يشترط أن ينطق الولي بالرضاء أو يكفي سكوته؟ الجواب: أن سكوته قبل ولادتها وقبل أن يظهر حملها لا يكون رضاً كما تقدم، فلا يسقط حقه إلا إذا صرح بالرضا، وأيضاً لا بد أن يعلم بعين الزوج، فإذا رضي بزوج مجهول لا يصح إلا إذا أسقط حقه بأن قال لها: رضيت بما تفعلين، أو رضيت بمن تزوجين منه نفسك، أو افعلي ما تحبين، أو نحو ذلك.

هذا في أنواع الكفاءة المذكورة، أما العيوب التي توجد في الزوج ويفسخ بها العقد، كالجذام والجنون، والبرص، والبخر، ونحو ذلك مما سيأتي، فإنها من حق الزوجة وحدها فلها طلب التفريق والفسخ دون الولي.