الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1252
وهذه الشروط الثلاثة شروط لجواز مباشرة الولي للعقد، قلا يجوز له أن يباشر العقد أصلاً إلا إذا تحققت هذه الشروط، فإذا فعل كان آثماً وصح العقد، على أن اشتراط كون الصداق حالاً وكونه من نقد البلد مقيد بما إذا لم تكن العادة جارية بتأجيل الصداق أو بالتزويج بغير نقد البلد كالتزوج بعروض التجارة، فإذا كانت العادة جارية به فإنه يجوز. ومتى تحققت هذه الشروط كان للأب أو الجد إجبار البكر صغيرة كانت أو كبيرة عاقلة أو مجنونة، ولكن يسن استئذانها تطيباً لخاطرها إذا كانت بالغة – ولو كانت سكرى – لأن السكر لا يخرجها عن التكليف فهذا اختصاص الولي المجبر. أما الولي غير المجبر – وهو غير الأب والجد ممن تقدم ذكره من العصبات وذوي الولاء والسلطان – فليس له أن يزوج من له عليها الولاية إلا بإذنها ورضاها فإن كانت بكراً بالغاً فرضاها يعرف بسكوتها عند الاستئذان ما لم تقم قرنية على عدم رضاها كصياح ولطم ونحوه، وهذا بالنسبة للمهر إذا كان مهر المثل أو من غير نقد البلد فلا بد من رضا به صريحاً، وهذا هو الراجح. وبعضه يقول: إذا كان الولي غير مجبر فإنه لا يكفي سكوت البكر بل لا بد من التصريح برضاها بالزوج والمهر. أما الثيب فإنه لا بد من تصريحها بالرضا سواء كان المزوج أباً مجبراً أو غيره بلا خلاف.
والثيب هي التي زالت بكارتها بوطء حلالاً كان أو حراماً ولو وطئها قرد، أما من زالت بكارتها بعارض آخر كمرض أو جراحة فإنها تكون بكراً، ومثلها من زالت بكارتها بوطء في الدبر، هذا إذا كانت كبيرة عاقلة، أما الصغيرة العاقلة فإنه لا يصح لغير الأب والجد أن يزوجها بحال من الأحوال لأن زواجها يتوقف على إذنها ورضاها. والصغيرة لا يعتبر لها إذن فلا تزوج إلا إذا بلغت، فإن كانت الصغيرة يتيمة لا أب لها وكانت مجنونة انتقلت الولاية عليها في المال والنكاح للحاكم، ولكن لا يصح له أن يزوجها إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن تبلغ لأنها لا تحتاج للزواج قبل البلوغ.
الثاني: أن تكون محتاجة بعد البلوغ إلى النفقة أو الخدمة بحيث لا تندفع حاجتها بغير الزواج.
الحنابلة – قالوا: يختص الولي المجبر بإجبار غير المكلف – وهو الصغير – بكراً كانت أو ثيباً وهي من كانت دون تسع سنين، أما التي لها تسع سنين وكانت ثيباً فليس عليها جبر لأن إذنها معتبر فلا بد من إذنها. ويختص أيضاً بإجبار البكر البالغة عاقلة كانت أو مجنونة، فللأب أن يزوجهن بدون إذنهن ورضاهن لمن يشاء إلا لمن به عيب يجعل لها حق خيار الفسخ، كأن يكون مجبوباً أو عنيناً لا يقدر على الوطء أو به شلل كما سيأتي في العيوب.
أما الثيب البالغة التي لها تسع سنين فإنه لا يصح تزويجها بدون إذنها ورضاها.
والثيب هي التي زالت بكارتها بالوطء في قبلها سواء كان بعقد صحيح أو فاسد أو بزنا. أما من زالت بكارتها بغير ذلك كوطء في الدبر أو عارض آخر من مرض أو كبر أو نحو ذلك فإنها بكر.
وعلامة رضاء البكر سكوتها الدال على الرضاء. أما رضا الثيب فلا يتحقق إلا بكلام.
ويسن للولي المجبر أن يستأذن من يعتبر إذنها كأن كانت بكراً عاقلة بالغة، أو سنها تسع سنين.
أما الولي غير المجبر فليس له أن يزوج من له عليها الولاية إلا بإذنها ورضاها إن كانت كبيرة عاقلة، أو صغيرة لها تسع سنين، أما الصغيرة التي دون تسع والمجنونة المطبقة فليس له زواجهما لأنه موقوف على الإذن وليس لهما إذن معتبر، على أنهم قالوا: إن الحاكم ولي مجبر فله أن يزوجها إذا دعت الحاجة إلى زواجهما.