پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1234

ثانيها: أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد فإذا قالت: زوجتك نفسي، أو قال: زوجتك ابنتي فقام الآخر من المجلس قبل القبول واشتغل بعمل يفيد انصرافه عن المجلس. ثم قال: قبلت بعد ذلك فإنه ينعقد. وكذا إذا كان أحدهما غائباً. فلو قالت امرأة بحضرة شاهدين: زوجت نفسي من فلان وهو غائب فلما علم قال بحضرة شاهدين: قبلت فإنه لا ينعقد. لأن اتحاد المجلس شرط وهذا بخلاف ما إذا أرسل إليها رسولاً قال لها: أرسلني يطلب منك أن تزوجيه نفسك فقالت: قبلت، فإنه ينعقد لأن الإيجاب والقبول في مجلس واحد وإن كان الزوج غائباً عن المجلس، فإذا لم تقبل المرأة عندما قال لها الرسول، ثم أعاد الرسول الإيجاب في مجلس آخر فقبلت فإنه لا ينعقد لأن رسالته انتهت أولاً. وكذا إذا أرسل إليها كتاباً يخطبها وهو غائب عن البلد فأحضرت الشهود وقرأت عليهم الكتاب وقالت: زوجت نفسي فإنه ينعقد، وذلك لأن الإيجاب والقبول حصلا في مجلس واحد. فإن الكتاب في المجلس إيجاب الزوج، وقول المرأة: زوجت أو قبلت هو القبول حتى لو لم تقبل في المجلس. ثم قرأت الكتاب في مجلس آخر وقبلت فإنه ينعقد. لأن كل ما قرأ في الكتاب كان إيجاباً من الزوج ولهذا لو قالت أمام الشهود زوجت نفسي من فلان ولم تقرأ عليهم الكتاب فإنه لا ينعقد لأن سماع الشطرين شرط صحة النكاح، ولا يصح النكاح بالكتابة مع وجود الخاطب ويمكنه من حضور مجلس العقد ويتفرع على اتحاد المجلس أنهما إذا عقدا على دابة تسير أو عقدا وهما يمشيان فإنه لا يصح لعدم الاستقرار في مكان واحد. أما إذا عقدا على ظهر سفينة وهي تسير فإنه يصح لأن السفينة تعتبر مكاناً. وهل السيارة” الاتوموبيل” ونحوه مثل السفينة أو الدابة؟ إنه مثل الدابة فلا يصح العقد عليه عند الحنفية. هذا ولا يشترط الفور عند الحنفية، فلو قالت: زوجتك فتكلم في المجلس بكلام خارجٍ عن العقد ثم قالت قبلت: فإنه يصح. على أنه لابد في عقد النكاح من اللفظ فلا ينعقد بالتعاطي مثلاً لو قالت له: زوجتك نفسي بألف فأعطاها الألف ولم يقل: قبلت لا ينعقد النكاح وكذا لا ينعقد بالإقرار على المختار بمعنى أن الإقرار إظهار لما هو ثابت، ومعنى كون العقد يثبت بالتصادق أن العقد يكون حاصلاً من قبل والقاضي يحكم بثبوته لا أن الإقرار ينعقد به النكاح أول الأمر لأنه يكون كذباً.

ثالثها: أن لا يخالف القبول الإيجاب، فإذا قال شخص لآخر: زوجتك ابنتي على ألف درهم فقال الزوج: قبلت النكاح ولا أقبل المهر لا ينعقد النكاح، ولو قبل وسكت عن المهر ينعقد أما إذا قالت له: زوجتك نفسي بألف فقبلها بألفين فإنه يصح، وإن كان القبول يخالف الإيجاب لأن غرضها قد تحقق مع زيادة، ولكن لا تلزمه الزيادة إلا إذا قبلت في المجلس. وإذا قال لها زوجيني نفسك بألف فقالت بخمسمائة فإنه يصح ولا يحتاج إلى قبول منه لأن هذا إبراء واسقاط بخلاف الزيادة فإنها لا تلزم إلا القبول

رابعها: أن تكون الصيغة مسموعة للعاقدين فلا بد أن يسمع كل من العاقدين لفظ الآخر إما حقيقة كما إذا كانا حاضرين أو حكماً كالكتاب من الغائب لأن قراءته قامت مقام الخطاب هنا، ولا يشترط في الصيغة أن تكون بألفاظ صحيحة، بل تصح بالألفاظ المحرفة على التحقيق فإذا كانت المرأة أو وكيلها من العامة الذين لا يحسنون النطق بقول: زوجت: وقالت: جوزتك نفسي، أو قال: جوزتك ببنتي فإنه يصح. ومثل النكاح الطلاق فإنه يصح بالألفاظ المحرفة.

خامسها: أن لا يكون اللفظ مؤقتاً بوقت فإذا قال لها زوجيني نفسك شهراً بصداق كذا فقالت: زوجت فإنه يقع باطلاً، وهذا هو نكاح المتعة الآتي.

وأما الشروط المتعلقة بالعاقدين وهما الزوج والزوجة، فمنها العقل – وهو شرط في انعقاد النكاح – فلا ينعقد نكاح المجنون والصبي الذي لا يعقل أصلاً. ومنها البلوغ والحرية وهما شرطان للنفاذ.

فإذا عقد الصبي الذي يعقل والعبد فإن عقدهما ينعقد ولا ينفذ إلا بإجازة الولي والسيد. ومنها أن تكون الزوجة محلاً قابلاً للعقد فلا ينعقد على رجل ولا على خنثى مشكل ولا على معتدة أو متزوجة للغير. ومنها أن يكون الزوج والزوجة معلومين.

فلو زوج ابنته وله بنتان لا يصح إلا إذا كانت إحداهما متزوجة فينصرف إلى الخالية من الأزواج. وإذا كان لرجل بنت لها اسم في صغرها ثم اشتهرت باسم آخر في كبرها تذكر بالاسم المعروفة به، قال في الهندية والأصح أن تذكر بالاسمين رفعاً للابهام، ولو كانت له ابنة واحدة اسمها فاطمة فذكرها باسم عائشة فإنه لا يصح.

ومنها أن يضاف النكاح إلى المرأة أو إلى جزء يعبر به عن الكل كالرأس والرقبة، فلو قال زوجني يد ابنتك أو رجلها لا ينعقد على الصحيح.