الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1199
أما إذا كان المال لا يكفي فينفق على من يحج عنه من الجهة التي يكفي منها المال، مثلاً أوصى رجل من أسوان أن يحج عنه فإن كان المبلغ الذي أوصى به يكفي للسفر من أسوان وجب أن يكون الحج مبدئاً منها، فإن كان المبلغ يكفي لأن يحج عنه من السويس وعلى هذا القياس، ولا يصح أن يحج عنه ماشياً ولو كان المبلغ للحج عنه ماشياً لأن الحج لا يجب إلا على من له قدرة على الركوب فيثبت في حق الغائب على هذا الوجه.
وإذا مات حاج في طريقه وأوصى بأن يحج عنه فهل يبدأ عنه من المكان الذي مات فيه أو من بلده؟ خلاف فقيل عنه من بلده شخص راكياً لاماشياً وهو المعتمد. وقيل يحج من المكان الذي فيه، فإن لم يكف المبلغ من بلده يحج عنه من المكان الذي يكفي فيه المبلغ.
وإذا أوصى بأن يحمل من الموضع الذي مات به إلى موضع آخر ليدفن فيه كأن أوصى بأن ينقل من جهة كذا إلى جهة كذا فإن الوصية تكون باطلة. وإذا نقله الوصي وأنفق عليه ملزماً بما أنفقه من ماله لا من التركة إلا إذا أجازه الورثة.
وإذا أوصى بأن يفرش تحته في قبرره مرتبة ونحوها فقيل: تصح لأن ذلك يشبه الزيادة في الكفن فلا بأس به، وقيل لأنه ضياع مال من غير جدوى.
وإذا اوصى بعمارة قبره على وجه الزخرف والزينة والبناء المعروف في زماننا فالوصية به باطلة، أما إذا كان متهدماً محتاجاً للعمارة فالوصية به صحيحة.
وإذا أوصى بأن تبنى على قبره قبة ونحوها كانت الوصية باطلة لأن هذا ممنوع باتفاق.
أما إذا أوصى بأن يطلى قبره بالين (والجس) ونحوهما ففيه خلاف. فبعضهم يقول: إن كان لحاجة كتقوية بناء القبر كي لا تسطو عليه الوحوش أو الإخفاء الرائحة أو نحو ذلك فإنه يجوز بلا خلاف، وإذا فلا.
وإذا أوصى بأن يدفن في داره فالوصية باطلة إلا أن يجعل داره مقبرة للمسلمين فتصح الوصية.
وإذا أوصى بمبلغ كبير يشترى كفنه فإنه لا يعمل به ويكفل بطفن المثل بأن ينظر إلى ثيابه حال حياته لخرروج الجمعة أو العيدين أو الوليمة ويشترى له كفن من نوعها.
وإذا اوصى بثلث ماله في اتخاذ مقابر لفقراء المسلمين أو في أكفانهم فإنها تصح بخلاف ما إذا لم يذكر الفقراء بل قال: في مقابر المسلمين فإن الوصية لا تصح.
وإذا أوصى باتخاذ طعام في المآنم فإنه يصح بشرط أن يأكل منه المسافرون والبعيدون عن جهة المتوفى. أما الذي مسافته قريبة ومدة
إقامته فإنه لا يجوز له الأكل منه ولا بأس بحمل الطعام إلى أهل الميت في أول يوم لاشتغالهم بالمصيبة أما اليوم الثالث فإنه يكوه لأن أهل الميت لا يشغلون بعد ذلك إلا بالنياحة بحمل الطعام إعانة على المعصية.