الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1173
وإذا قال بولده ابن هذه الخبرة لتكون داراً وقال: إن هذه الخبرة دار ابني فلان فإن ذلك لا ينعقد به الهبة لأن العرف ينسب ملك الأب للابن وأمره ببنائها لا يقتضي التمليك.
ومثل ذلك ما إذا قالت المرأة لزوجها: ابن هذه التجربة لأنها دارك.
أما إذا قال الأجنبي لغيره ذلك فإنه يحمل على التمليك. فإذا بنى الابن أو الزوج الخبرة من ماله ومات الأب أو الزوجة فإن للباني قيمة بنائة منقوضاً لأنه يكون عارية وقد انقضت بموت الأب أو الزوجة.
هذا وتملك الهبة بلإيجاب والقبول أما قبضها في تمليك الموهوب على المشهور.فإذا قال المالك: وهبت هذه الدار لفلان وقبلها أصبحت الدار مملوكة له بحيث لا يصح للواهب الرجزع فيها بعد ذلك واذا امتنع عن تسليمها ولو برفع الأمر للحاكم.
وبعضهم يقول: يشترط في تمام الهبة القبض والحيازة فإن عدم القبض فإنها لا تلزم وإن كانت صحيحة.
ويجوز تأخير القبول عن الإيجاب فإذا وهب داراً فسكت عن قبولها ثم قبلها بعد ذلك فإن له ذلك.
وليست العمرى هبة وانما هي تمليك المنفعة مدة حياة المعطَى – بالفتح – أو المعطِي (بالكسر) – بلا عوض إنشاء والعمرى يضم العين وسكون الميم معناه مدة العمر وهي عند الإطلاق تحمل على عمر المعطي فإذا قال: عمرتك داري كان معناه أعطيك داري لتنتفع بها طوا عمرك.
والعمرى مندوية لأنها إحسان فإذا كانت في نظير عوض كانت إجارة فاسدة لأن مدة عمره مجهولة فزمن الإجارة مجهولة. وهي من قبيل الوقف على زيد مدة حياته فيخرج بها الوقف المؤبد أو المؤقت بزمن معين.
ولا يشترط فيها لفظ الإعمار بل كل ما يدل على تمليك المنفعة في عقار أو غيره مدة عمر المعطى – بالفتح – يكون عمرى.
كقوله: أعرتك داري أو ضيعتي أو فرسي أو سلاحي. وأعطيت أو أيكنت ونحوه ولكن إذا قال له: أعطيت فإنه لا بد من قرينة تدل على الإعمار، بأن يقول: أعطيتك سكنى داري أو غلة أرضي مدة حياتك. فإن لم يفعل ذلك كانت هبة لا عمرى.
فإذا مات المعطى – بالفتح – رجعت الدار ونحوها ملكاً للمعطي – بكسر – إن كان حياً ولوارثه من بعده إن كان قد مات.
أما الرقبى وهي أن يقول شخص لآخر: داري لك إن مت أنا قبلك تضعها إلى دارك ودارك لي إن مت أنت قبلي أضمها إلى داري، فهي باطلة، فإن وقع ذلك قبل موت أحدهما فسخ العقد وإن علم بعد الموت رجعت الدار للورثة ولا يعبأ بالعقد.