الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1172
فإذا وهب شخص ملك غيره لم تنعقد الهبة بخلاف ما إذا باع ملك غيره فإنه يقع صحيحاً موقوفاً على إجازة المالك. وبعضهم يقول: إن هذه الأمور كالبيع فمتى أجازها المالك نفذت لأنها تكون في الحقيقة صادرة منه في هذه الحالة.
ومنها: أن يكون الموهوب من الأشياء القابلة من ملك إلى ملك في نظر الشارع هبة الاستمتاع بالزوجة لأن نقل هذا الاستمتاع ممنوعاً شرعاً ومثل ذلك هبة أم الولد. وتصح هبة جلود الأضاحي لأنها وإن كانت لا يصح بيعها فلا تقبل النقل بالبيع ولكن يصح إهداؤها والتبرع بها فتصح هبتها.
ولا يشترط في الموهوب أن يكون معلوماً فيجوز أن يهب مجهول العين والقدر ولو كان يظن أنه يسير فظهر له أنه كثير وهب من عمه لشخص وكان لا يعرف قدره ويظن أنه يسير فاتضح أنه كثير فإن الهبة تصح.
وكذا إذا وهبه ما في جيبه وهوز يظن أنهاعشرة قروش فيه جنيهاً أو جنيهين فإن الهبة تصح وليس للواهب الرجوع على المشهور.
وأما الصيغة فهي كل ما يدل على التمليك من لفظ أو فعل ولا فرق بين أن تكون دلالة اللفظ صريحة أو لا. مثال اللفظ الصريح ملكت. ومثال اللفظ الذي يدل على التمليك فهماً لا صراحة خذ هذه الدار مثلاً.
ومثال الفعل أن يمنح الأب أو الأم ولدهما حلياً سواء كان الولد أو انثى أو صغيراً فإذا اشترى الأب لأحد أبنائه من ذهب أو خاتماً من الماس أو حلى له مصحفاً بالذهب أو اشترى لبنته حلقاً ذهب أو أساور من الماس أو لبنة من ذهب أو غير ذلك كان مملوكاً للابن بطريق الهبة فإذا مات الأب لا يصح للورثة أن ينازعوه فيه ومثل الأب في ذلك الأم ولا يطالب الولهب بالاشهاد على ذلك لأن الاستعمال الحلي المشتري في حال الوالد أو الوالدة قرينة على التمليك إلا إذا أشهد الواهب سواء كان أباً أو أماً بأن هذا الحلي ليس نعطى للولد بطريق التمليك بل ليستمتع به فقط فإن في هذه الحالة لا يكون مملوكاً.
وعلى عكس ذلك الزوجة فإن زوجها إذا اشترى لها حلياً ولبسته يحمل على أن الغرض من ذلك تزيينها لاتمليكها إلا إذا أشهد على أنه ملك لها، هذا إذا كانت عنده، أما ما جرت به العادة من إرسال متاع العروس وهي دار ألبها فإن سماه عارية كان كذلك وإن سماه هدية كان هبة وإن لم يسم شيئاً يحما على الهدية.
ومثل الحلي في ذلك ما اشترى لولده دابة ليركبها أو كتب علم يحضر فيها أو سلاحاً يتزين به أو ثياباً فاخرة يلبسها أو نحو ذلك.