الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1150
ثانيهما: أنها اسم لما يذهب ويجيء بسرعة يقال أعاره الشيء وأعاره منه إعارة منه كما يقال عاره يعوره بمعنى أخذه وذهب فحقيقة العارية ذهاب الشيء وإيابه، وهو قريب من الأول وعلى هذا تكون العارية مأخوذة من عار إذا ذهب وجاء سريعاً وهو لا يخرج عن الأول لما فيه من التداول.
ثالثهما: أنها اسم لما يقصده المستعير فهي مأخوذة من عرواً إذ قصده لأن الشيء المستعار مقصود للمستعير وأصل عارية المشتقة من التعور بمعنى التدوال عورية بفتحتين مشدداً على وزان فعليه فالعين الكلمة والواو عين الكلمة لام الكلمة تحركت الواو وانفتح ما قبلها قبلت أفاً فصارت عارية فالألف أصيلة لأنها منقلية عن الواو التي هي عين الكلمة.
ومثلها المأخوذة من عار يعور إذا ذهب وجاء أما المأخوذ من عراه يعروه إذا قصده فإذا كانت العارية مشددة الياء يكون أصلها عاوورة بواوين على وزان فاعولة قلبت الواو ياء لوقوعها متطرفة فصارت عاروية اجتمعت الواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وإذا كانت مخففة يكون أصلها عاروية اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون الخ وعلى كلتا الحالتين تكون الألف زائدة لأن العين فاء الكلمة والراء عينها ويصح أن تكون الألف اصلية إذا دخل الكلمة القلب بأن تؤخر عين الكلمة وهي الراء على لازمها والراء عينها فتحركت الواو التي هي لام الكلمة وانفتح قبلت أفاً فصارت عارية وعلى هذا تكون الألف أصلية لنها منقلبة عن الواو التي هي لام الكلمة.
ذلك هو الصحيح في معنى العارية واشتقاقها وبعضهم يقول إنها منسوبة إلى العار وذلك لأن ردها لصاحبها بعدما منحها للمستعير عار لا ينبغي وقوعه وذلك خطأ من وجهين: أحدهما أن رد العارية ليس بعار ولو كان ذلك لما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد ثبت أنه فعله. ثانيهما إن العار ياتي أما العارية فهي واوي ولذا قالوا إن القوم يعتبرون بمعنى يعير بعضهم بعضاً ولم يقولوا يتعاورون نعم نقل أنهم يتعيرون العواري وهي جمع العواري وهي جمع عارية كما عرفت ولكنه ضعيف وقد تستعمل الياء بدل الواو فما ورد من ذلك لا يكون حقيقة بأصل وضعه.
وأما معناها في اصطلاح الفقهاء ففيه تفصيل المذاهب (1).
———————————-
(1) (المالكية – قالوا: تعرف العارية على أنها مصدر. وتعرف على أنها اسم للشيء المستعار فعلى الأول يقال إنها تمليك منفعته مؤقتة لا بعوض.