الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1144
ومنها: أن يكون صاحب الوديعة مضطهداً من ظالم يريد أن يصادره في ماله فيحملها الوديع إلى صاحبها حين مصادرة الظالم إياه فإذا استولى عليها الظالم فإن الوديع يضمنها في هذه الحالة لأنه يجب عليه إخفاؤها عن الظالم وحفظها. وإذا خاف الوديع فيصادرها مع ماله فقيل يجوز له حملها إليه وقيل لا.
ومن الأشياء الموجبة لضمان الوديعة هلاكها بيد رسول أرسلت معه وفي هذه المسألة ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يكون ضامناً على رسول فيضمنها الرسول (سواء كان من طرف صاحب الوديعة أو من طرف الوديع) في حالة واحدة وهي أن يحملها فيموت قبل أن يصل إلأى البلد التي بها صاحقب الوديعة ولم توجد في تركته فتؤخذ في هذه الحالة من تركة الرسول ثم إن كان من طرف رب المال فلا يكون الوديع مسؤولاً عنها وإن كان من طرف الوديع كان مسؤولاً عنها فعليه أن يسلمها لربها ويأخذها هو من تركة الرسول.
الصورة الثانية: أن يكون ضمانها على الوديع فيضمنها الوديع إذا أرسلها مع رسول من طرفه فمات الرسول بعد وصوله إلى البلد القاطن الوديعة ولم توجد معه وادعى صاحبها أنها لم تصل إليه كان الوديع ضامناً لها لأنه لا يبرأ إلا بوصول المال أو إلى رسول صاحبه بينة أو إقرار.
الصورة الثالثة: أن تضيع على صاحبها ويبرأ الرسول والوديع وذلك إذا أرسلها مع رسول من طرف صاحب الوديعة فحملها ووصل بها البلد الذي به صاحب الوديعة ثم مات الرسول فإنها في هذه الحالة تضيع على صاحبها لاحتمال أن الرسول أعطاها لصاحبها الذي أرسله بعد وصوله فلا ضمان عليه كما لا ضمان على الوديع لأنه سلم الوديعة لرسول صاحبها ببينة فإذا سلمها إليه بدون بينة ولم يمت الرسول ولكن بينة وبين صاحبها خلف فقال الرسول إنه سلمها وقال المرسل إليه كلا ولا بينة للرسول كان الوديع ضامناً.
أما إذا سلمها الوديع للرسول بينة فإنه يبرأ بذلك ويكون الضمان على الرسول إذا لم تكن له بينة.
ومن الأشياء التي توجب الضمان على الوديع أن يدفع الوديعة لشخص غير صاحبها فيدعي ذلك الشخص أنها ضاعت أو تلفت. ويدعي الوديع لذلك الشخص بناء على أمر صاحبها مباشرة أو بواسطة بأن يقول: أنت أمرتني بدفعها له بنفسك ولا بواسطة بدفع وديعتي لغيري.
فإن لم تكن للوديع بينه على دعواه طلب من صاحب الوديعة أن يحلف فإذا حلف يلزم بها الوديع وإن لم يحلف حلف الوديع وبرئت ذمته.