پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1128

أما إذا ضمن عيناً جيدة، ثم دفع لصاحبها عيناً رديءة فلإنه يرجع على المضمون له بالعين الجيدة، وذلك لأن حكم الكفالة أن الكفيل يملك بأدائه، فهو محل صاحب الدين الجيد يملك المطالبة به متصفاً بالجودة، فكذلك الكفيل الذي حل محله. ولا يضره أنه دفع الدين رديئاً ورضي به صاحب الدين.

مثلاً إذا استدان شخص من آخر ثاباً من القماش الجيد وضمنه فيها آخر، ثم دفع الضامن لصاحبها ثياباً من القماش الردئ ورضي بها للضامن في أخذ القماش الجيد الذي ضمن فيه لأنه أصبح مالكاً للدين الجيد وتنازل صاحب الحق للضامن عن بعض حقه لا يلزم منه تنازله للمدين الأصلي، ألا ترى أنه يصح لصاحب الدين أن يهدد الكفيل فإذا وهب صاحب الدين دينه للكفيل فإن الكفيل يملكه ويطالب به المديون على أن يدفعه له بعينه.

أما إذا أمر شخص آخر بأن يدفع عنه السلعة الجيدة التي استدانها من فلان فدفع له سلعة رديئة ورضي بها صاحبها، فإنه لا يرجع على المديون الأصلي إلا بالسلعة الرديئة. وذلك لأن المأمور بسداد الدين لا يملك الدين بالأداء كما يملكه الضامن فلا يأخذ إلا ما دفعه.

ومنها: أنه ليس للضامن من الحق في مطالبة المديون الأصلي قبل أن يدفع عنه الدين الذي ضمنه فيه لأنه لا يملك إلا بعد أدائه كما تقدم.

ومثل ذلك ما إذا دفع الدين قبل وجوب دفعه على الأصيل، فإذا استأجر شخص منزلاً بأجرة يدفعها في نهاية الشهر شخص، ثم دفعها الضامن لا يرجع بها، وذلك لأن الأجرة في لا تجب على المستأجر بمجرد العقد ولا تملك بالعقد كما تقدم في الإجارة فالضامن دفع مالاً يملكه صاحب الدين أيضاً.

وإذا دفع المديون الأصلي الدين ولم يعلم الكفيل فدفعه الكفيل لصاحب الدين مرة ثانية فإنه لا يرجع على المديون الأصلي وإنما يرجع على صاحب الدين أخذ حقه مرتين.

وهذا بخلاف ما إذا حل الدين على المديون قبل أحد، ثم أتى بكفيل يضمنه إذا مد له صاحب الدين الأجل، فقيل فإن التأجيل يكون للأصيل والضامن معاً في هذه الحالة.

والفرق بين الحالتين ظاهر لأن الكفالة في الحلة الأولى كانت مقررة من قبل فكان لصاحب الدين الحق في مطالبة الضامن والكفيل ولا يلزم من مد المطالبة ككفيل تأجيل الدين للأصيل.

أما في الحالة الثانية فغن الكفالة لم تكن موجودة وليس لصاحب الدين حق يصح تأجيله إلا نفس الدين ومتى تأجل فقد تأجل بالنسبة للمديون وللضامن.

ومع ذلك فغن صاحب الدين إذا اشترط أن يكون التأجيل خاصاً بالضامن لا بالإصيل، فإنه يعمل بشرطه ويكون له الحق في مطالبة الأصيل بسداد دينه متى شاء. ومثل ذلك ما إذا قال الكفيل أجلني أنا فأضاف الأجل إلى نفسه خاصة.