الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1121
أما إذا قال له: أكفله لك شهراً بدون أن يذكر (من) وإلى، فإن فيه خلافاً فبعضهم يقول: إنه يكون كفيلاً دائماً وبعضهم يقول: إنه كفيل في المدة التي ذكرها ولا يكون كفيلاً بعد ذلك، أما إذا قال: أكفله إلى شهر فقط (من) فكذلك فيها الخلاف فبعضهم يقول إنها كالأول وبعضهم يقول إنها كالثاني.
والتحقيق في ذلك أن صيغ الكفالة مبنية على العرف جارياً على أن هذه الصيغ لا يقصد منها إلا تأجيل الكفالة بأجل معلوم فإنها تحمل عليه لا فرق بين أن يذكر (من) وإلى، أو لم يذكر منهما، فلو قال: كفلت لك شهراً يكون كفيلاً في هذه المدة فقط ولا يكفله بعد ذلك إلا إذا قامت قرينة على خلاف العرف فيعمل بها.
وكما أن الكفالة نفسها لا تصح إذا علقت على شرط غير ملائم فكذلك البراءة منها لا تصح إذا علقت على شرط غير ملائم فإذا قال صاحب الدين للكفيل: إن جاء الغد فأتت بريء من الدين لا تصح البراءة ويكون لصاحب الدين مطالبة الكفيل كما كانمن قبل، والمراد بالشرط غير الملائم هنا هو كل شرط لا يستنفذ منه صاحب الدين شيئاً كما مثله وكقوله إن دخلت الدار فأتت بريء من الكفالة ونحو ذلك من الشروط التي لم يتعارف الناس. أما الشروط المتعارفة التي يستنفذ منها صاحب الدين فإنه يصح تعليق البراءة عليها كقوله: إن دفعت لي بعض الدين فأتت بريء من الكفالة في الباقي.
الشافعية – قالوا: تنقسم شروط الضمان إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: يرجع إلى الضامن فيشترط فيه شروط:
أحدها: أن يكون عاقلاً فلا يصح ضمان المجنون بخلاف الذي غاب عقله بسبب السكر فإن ضمانه يصح.
ثانيها: أن يكون باغاً فلا يصح ضمان الصبي.
ثاثها: أن لا يكون محجوراً عليه لسفه فلا يصح ضمان المحجور عليه بسبب السفه أما المحجور عليه بسبب الإفلاس فلا ضمانه يصح وكذا يصح ضمان السفيه الذي لم يحجر عليه.
رابعها: أن لا يكون مريضاً مرض الموت وهو لا يصح ضمانه بشرطين:
الأول: أن يكون عليه دين يستغرق كل ماله فإن لم يكن عليه دين مستغرق فإن ضمانه يصح.
الثاني: أن لا يطرأ له مال جديد بعد الموت فلو ظهر أن استحقاقاً في مال بعد موته فإنه يصح الضمان بالنسبة له ويؤخذ المضمون من ذلك المال. أما الذي يبرأ من مرضه فإن ضمانه يصح.
رابعها: أن لا يكون مكروهاً فلا يصح ضمان المكره.
القسم الثاني: يرجع إلى المضمون له وهو صاحب الحق. ويشترط فيه أن يكون معروفاً للضامن بشخصه فلا تكفي معرفة اسمه لتفاوت الناس في المطالبة شدة وليناً. وهل معرفة شخص وكيل المضمون له؟ نعم تكفي على المعتمد.
ولا يشترط رضاء المضمون له لأن الضمان لا يضره إذ التزام يزيد تأكيداً.