الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1084
وبعضهم يقول: إن السلعة في هذه الحالة كالمرهون. فإن تهلك بالأقل من ثمنها وقيمتها بمعنى أنها تقوم وقت هلاكها فإن كانت قيمتها تساوي ثمنها بأن كان ثمنها عشرة ولم ينقص عن ذلك ولم يزد عند هلاكها فالأمر ظاهر.
أما إذا زادت قيمتها عن ثمنها خمسة كانت الخمسة حقاً للموكل فيطالب بها الوكيل وإن نقضت خمسة كانت حقاً للوكيل فيطالب بها الموكل. مثلاً إذا وكله بشراء جمل فاشتراه له بخمسة عشر ولم يدفع الموكل الثمن ولم يرض الوكيل بإعطائه الجمل قبل دفع الثمن ثم مات بعد ذلك في يد الوكيل. ففي هذه المسألة رأيان:
أحدهما: أن الجمل هلك بثمنه على الوكيل فلا يطالب الموكل بشيء سواء زادت الجمل أو نقصت.
ثانيهما: أنه ينظر إلى ثمن الجمل وقيمته عن ثمنه بحيث أصبح يساوي عشرة فإن الوكيل يحسب عليه عشرة فقط ويرجع على الموكل بالخمسة.
أما إذا كانت قيمته هلاكه قد ارتفعت إلى عشرين فإنه بخمسة عشر ويرجع الموكل على الوكيل بالخمسة التي زادت.
رابعاً: إذا اشترى الوكيل السلعة بثمن معجل ثم أجله له البائع بعد الشراء فإن للوكيل الحق في مطالبة الموكل بالثمن حالاً.
أما إذا اشتراها بثمن مؤجل من أول الأمر فليس له مطالبة الموكل بالثمن حالاً.
خامساً: إذا أراد شخص أن يتعاقد مع آخر في سلم فإنه يصح له أن يوكل عنه من يدفع للمسلم إليه (البائع) رأس مال السلم (الثمن)، أما المسلم فإنه لا يجوز له أن يوكل عنه غيره في قبض رأس مال السلم وذلك لأنه مجرد أن يقبض الوكيل رأس المال (الثمن) فإنه يصير المسلم فيه (المبيع) في ذمته فيكون مسؤولاً عنه مع أن الثمن يعطي إليه ولا يجوز أن يبيع الإنسان ماله بشرط أن الثمن لغيره وبذلك يكون التوكيل باطلاً ويكون الوكيل هو المتعاقد (المسلم إليه) فيكون رأس المال مملوكاً له والمسلم فيه ديناً في ذمته فإذا أعطى رأس المال من وكله كان في ذمته.
وفي الصورة الأولى الجائزة وهي ما إذا وكل رب السلم (المشتري شخصاً ليدفع عنه رأس مال المسلم (الثمن) فإنه لا يصح للوكيل أن يفارق المسلم إليه البائع قبل أن يدفع له رأس المال فإذا فارقه بطل العقد. وإذا كان الموكل حاضراً وفارق المجلس قبل القبض. هل يبطل العقد أو لا؟ رأيان فبعضهم يقول: إن الوكيل نائب فإذا حضر الأصيل فلا يعتبر النائب. وبعضهم يقول: إن الوكيل وإن كان نائباً في أصل العقد ولكنه في التصرف في الحقوق فلا عبرة بحضور الموكل ولا بمفارقته ما دام الوكيل حاضراً.