الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1065
أما الإسلام فليس شرطاً في الموكل فيجوز أن يوكل الذمي غيره كالمسلم لأن حقوقههم مضمونة من الضياع كحقوقنا وإذا وكل الذمي المسلم بتقاضي ثمن الخمر فإنه يكوه للمسلم أن يفعل وإذا وكل الذمي المسلم أن يرهن له خمراً في نظير نقود أو يرهن له عيناً في نظير خمر يأخذه فإنه يصح إذا أخبر به على أنه رسول فيقول: أرهن لفلان خمراً. أما إذا أضافه لنفسه بأن قال: ارهن لي خمراً أو أقرضني نقوداً في نظير خمر فإنه لم يكن رهناً وهل النرتد كذلك أو لا؟ خلاف فبعضهم يقول: إذا وكل المرتد شخصاً فإن ذلك التوكيل يقع موقوفاً، فإن أسلم المرتد نفذ ما صدر منه توكيله الغير وإن مات أو خرج من دار الإسلام إلى دار الإسلام إلأى دار الحرب بطل توكيله فإن لحق بدار الحرب ثم عاد إلى الإسلام فإن كان القاضي حكم بلحوقه بدار الحرب فإن التوكيل يبطل وإن لا فإنه ينفذ. وبعضهم يقول: إن للمرتد أن يوكل غيره ويقع توكيله صحيحاً نافذاً. هذا إذا كان المرتد رجلاً. أما المرأة المرتدة فإن توكيلها جائز في قولهم جميعاً لأن ردتها لا تعتبر في حكم ملكها فهي ملكها كالمسلمة في ذلك.
وإذا وكلت قبل ردتها ثم ارتد فغن توكيلها لا يبطل إلا إذا وكلت بتزويجها وهي مرتدة فإنه يكون باطلاً فإن زوجها حال ردتها لا يصح، أما إذا عادت إلى الإسلام فزوجها فإنه لا يصح. أما إذا وكلته بأن يزوجها وهي مسلمة ثم اردت ثم عادت إلى الإسلام فزوجها فإنه لا يصح لأن ردتها أبطلت التوكيل في ذلك.
وأما الشروط التي ترجع إلى الوكيل فهي أمران:
أحدهما: أن يكون عاقلاً فلا يصح لشخص أن يوكل مجنوناً أو صبياً لا يعقل أما البلوغ والحرية فلا يشترطان في الوكيل فيصح أن يكون الوكيل صبياً عاقلاً يدرك ما يترتب على العقود من المتافع والمضار سواء أذنه وليه ومثله العبد في ذلك.
ثانيهما: أن يعلم الوكيل بالوكالة فعلم الوكيل شرط في صحة تصرفه بلا خلاف فإذا وكل شخصاً آخر في بيع متاعه ولم يعلم الوكيل فباع المتاع قبل العلم بكل تصرفه إلا إذا أجازه الموكل وعلم الوكيل بالتوكيل يثبت بالمشافهة أو الكتابة إليه أو بإخيار رجلين أو واحد عدل أو غير عدل وصدقه الوكيل.
أما الإسلام وعدم الردة فلا يشترطان في الوكيل باتفاق وإن كان عدم الردة مختافاً فيه في الموكل فيصح للمسلم أن يوكل الذمي حتى في بيع الخمر والخنزير عند أبي حنيفة الذي يقول إن الموكل إذا كان ذمياً بلا خلاف.
وإذا وكل المسلم حربياً في دار الحرب وكان المسلم في دار الإسلام فغن التوكيل باطلاً في هذه الحالة، وكذلك العكس، وهو ما إذا وكل الحربي مسلماً وهو في دار الحرب والمسلم في دار الإسلام.
وأما الشروط التي ترجع إلى الموكل فيه فمنعها أن لا يكون من الأمور المياحة فلا يصح لشخص أن يوكل غيره في أن يحتطب له أو يسقي له الماء أو يستخرج له شيئاً من المعادن المباحة كالحديد والرصاص والجواهر ونحو ذلك فإذا حصل الوكيل على شيء من ذلك فهو له وليس للموكل منه شيء، ومثل ذلك ما إذا وكله ليشحذ له فإن التوكيل لا يصح وإذا شحذ الوكيل شيئاَ فهو له.