الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1030
ومنها أجرة الحجام فقد قال بعضهم بكراهية لما ورد من أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: “كسب الحجام خبيث، وثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث” والصحيح أنها جائزة بلا كراهة لما رواه البخاري من أن النبي صلى اللّه عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره ولو كان مكروهاً لم يعطيه والحديث الأول منسوخ بما ورد أن رجلاً “وقال يا رسول اللّه إن لي عيالاً وغلاماً حجاماً أفاطعم عيالي من كسبه؟ قال: نعم” وأيضاً فإن حديث البخاري مروي عن ابن عباس وحديث النهي رواه في السن عن أبي رافع.
ومما لا شك فيه أن ابن عباس أعلم وأضبط وأفقه فيعمل بحديثه على أنه إذا اشترط الحجام أجراً معيناً كره ذلك فيمكن حمل الكراهة على ذلك.
ومن ذلك أجرة السمسار والدلال. فإن الأصل فيه عدم الجواز لكنهم أجازوا الناس إليه كدخول الحمام على أن الذي يجوز من ذلك إنما هو أجر المثل.
فإذا اتفق شخص مع دلال أو مع سمسار على أن يبيع له أرضاً بمائة جنيه على أن يكون له قرشين في كل جنيه مثلاً فإن ذلك لا ينفذ وإنما الذي ينفذ هو أن يأخذ ذلك الدلال لأجر مثله في هذه الحالة.
هذا وتصح إجارة الماشطة لتزيين العروس بشرط أن يذكر العمل أو مدته في العقد.
وإذا استأجر شخص عاملاً يمكن تعيين عمله كخياط ليخيط له هذا الثوب بكذا أو خباز ليخبز هذه الأرغفة بكذا أو هذا الإردَبّ فإنه لا يصح له أن يجمع مع هذا التعيين الوقت فيقول خطه اليوم أو غداً أو اخبزه اليوم أو بعد ساعتين فإذا تأخر عن هذا الموعد يكون بأجرة أقل وإنما لا يجوز ذلك لأنه يفضي إلى المنازعة بأن يقول العامل المنفعة المعقودة عليها إنما هي العمل وذكر الوقت للحث على العجيل وحيث قد تم العمل في اليوم أو بعده فإنني استحق عليه الأجر كاملاً ويقول المؤجر كلا بل المنفعة المعقود عليها مقدورة بالوقت فالمعقود عليه هو الوقت وحيث لم توجد قيمة المنفعة فلا تستحق الأجرة كاملة فلذا قبل بفساد العقد. نعم إذا قال على أت تفرغ منه أو تخيطه في اليوم فإن العقد ألا يفسد ويعتبر العقد على العمل وذكر هذه الكلمة يكون الغرض منه إنجاز العمل والفرقأن قوله في اليوم معناه أن تعمل في اليوم ولا يلزم أن يعمله جميعه في اليوم. وقوله على أن تفرغ منه اليوم يفيد أن ذكر اليوم ليس مقصوداً كالعمل فيكون الغرض من التعاقد إنما هو العمل وأما كونه يفرغ منه اليوم فهو أمر ثانوي معناه اسعجال العمل على أن بعضهم يقول إن الإجارة لا تفسد بذلك مطلقاً ولو قال اليوم بدون في أو على ويقع العقد على العمل ويكون الغرض من ذكر الوقت الحث على التعجيل.