پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1028

أما الإجارة على الطاعات فأصول مذهب الحنفية تقضي أنها غير صحيحة أيضاً لأن كل طاعة يختص بها المسلم لا يصح الاستئجار عليها ولأن كل قرية تقع من العامل إنما تقع عنه لا عن غيره فلو لم يكن أهلاً لأدائها لا تنفع منه فلا يصح له أن يأخذ عليها أجراً من غيره ويستدلون بحديث روي عنه عليه السلام: “اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به” وقد عهد عمر إلى عمرو بن العاص: “وإن اتخذت مؤذناً فلا يأخذ على الأذان أجراً” هذا هو أصل مذهبهم وهو بظاهره عام يشمل كل الطاعات فكان من حقه أن لا بعض الطاعات للضرورة فاجازرا أخذ الأجرة على تعليم القرآن خوفاً من ضياعه ومثله تعليم العلم. والأذان والإمامة والوعظ خوفاً من تعطيلها.

أما قراءة القرآن خصوصاً على المقابر وفي الولائم والمآتم: إنه لا يصح الاستئجار عليها إذ لا ضرورة تدعو إليها. فمن أوصى لقارئ يقرأ على قبره بكذا أوقف له داراً أو أوصى بعتاقة أو نحو ذلك كانت وصيته باطلة لا قيمة لها لأن الأجرة على الطاعات بدعة محرمة كما ذكرنا.

وإنما تنفذ مثل هذه الوصايا أو الوقفيات إذا جعلت صدقات، وقد قال صاحب الطريقة المحمدية رضي اللّه عنه ما نصه:

الفصل الثالث في أمور مبتدعة باطلة أكب الناس على ظن أنها قرب مقصودة.

ومنها الوصية من الميت بالطعام والضيافة يوم موته أو بعده وبإعطائه دراهم لمن يتلو القرآن لروحه أو يسبح أو يهلل له وكلها بدع منكرات

باطلة والمأخوذة منها حرام للآخذ وهو عاض بالتلاوة والذكر لأجل الدنيا اهـ.

ومحصل هذا كله أن أصل المذاهب منع الإجارة على الطاعات، ولهذا أجمعوا على أن الحج عن الغير من باب الإنابة لا من باب الاستئجار فمن حج عن غيره كان نائباً عنه في أداء هذه الفريضة ينفق على نفسه بقدر ما يؤدي فإن زاده معه شيء من المال الذي أخذه وجب لصاحبه ولو كان إجارة لما رد منه شيئاً.

وإما إقتاء المتأخرين بجواز أخذ الأجرة على بعض الطاعات فهو للضرورة خوفاً من تعطليها فأجازوا أخذها على التعليم القرآن ونحوه ولم يجيزوه على قراءة القرآن إذ لا ضرورة في القراءة.

ويرد على هذا ما ثبت من جواز أخذ الأجرة على الرقية في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم وقوله: “إن أحل ما أخذتم عليه أجراً كتاب اللّه” وأجيب بأن الرقية تلاوة فقط بل المقصود منها الطب وأخذ الأجرة على التداوي جائز.

(يتبع…)

(تابع… 2): – في الأمور التي تجوز إجازتها والتي لا تجوز تفصيل في المذاهب (1)… …