الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1026
فإذا استأجر خياطاً ليخيط له ثياباً في داره فقطعها (فصلها) وأعد الخيط الذي يخيطها به ثم تركها في المنزل وانصرف فجاء لص فسرقها فإنه لا يستحق أجر على (التفصيل) لأنه مستأجر على الخياطة وقد سرقت الثياب فلا أجر له وإذا استأجر خبازاً ليخبز له فاحترفق الخبز فاحترق في (الفرن) قبل إخراجه فلا أجر له وإن سرق لص الخبز من الخباز فلا أجر له ولا ضمان وقيل عليه ضمانه.
وإذا استأجر عمالاً لحفر بئر وبائها بالطوف ففعلوا ثم انهارت فلهم أجرهم وإذا انهارت قبل بنائها بالطوف فلهم أجر نما عملوا.
النوع الثاني: استئجار الآدمي للخدمة وهو جائز يالنسبة للرجال بعضعم بعضاً بلا كراهية إنما لا يصح للإنسان أن يستأجر أبويه ولو كافرين وإذا عمل الأب فله أجره، ومثل الأبوين الجد والجدة. وإذا استأجر ابنة أو المرأة ابنها فإنه لا يصح وما عدا ذلك فإن استئجار جائز فتصح إجارة الإخوة وسائر الأقارب.
وبعضهم يقول: لا يصح استئجار العم والأخ الأكبر لما في ذلك من الإذلال الذي لا يليق ولهذا قالوا يكوه أن يؤجر المسلم نفسه لخدمة الكافر وإن كان جائز بخلاف العمل في السقي والزرع والتجارة ونحو ذلك فإنه يصح أن يؤجر له نفسه بلا كراهة لعدم المهانة في نحو ذلك.
ويجوز للمرأة أن تؤجر نفسها لخدمة الرجل التأكل هي وعيالها بشرط أن لا تختلي معه فإن الخلوة الأجنبية حرام ويكره للرجل أن يخلو بها.
ولا يجوز للمرأة أن تؤجر نفسها لخدمة بيت زوجها لأن ذلك مستحق عليها أما إذا أجرها فيما ليس من جنس خدمة البيت كزرع حديقة أو رعي ماشية فإنه يجوز. وللمرأة أن تستأجر زوجها للخدمة أو لرعي الغنم وله أن بفسخ إجارتها ولا يخدمها.
النوع الثالث: إجارة المراضع والقياس عدم جوازها وإنما جازت استحساناً وذلك لأنك قد عرفت مما مضى أن الإجارة إنما ترد على استهلاك المنفعة لا على استهلاك العين والإجارة هنا ترد على استهلاك اللبن كمن استأجر بقرة ليشرب لبنها وإنما استثنى المراضع لحاجة الناس إلى هذا ولمصلحة الصغير وتصح أجرتها بطعامها وكسوتها ولها عند النزاع كسوة وطعام الوسط. ولزوجها أن يطأها وهي مرضعة في بيته لا في بيت المستأجر إلا إذا رضي المستأجر بأن يخلو بها في بيته.
وللزوج أن يفسخ إجارتها مطلقاً سواء كان يتعير بتأجيرها أم لا.
وللمستأجر أم يفسخ الإجارة بحيل المرضعة ومرضها وفجورها ظاهراً لا يكفرها لأنه لا يضر بالصبي. وعليها أن تفعل مع الصبي ما جرت به العادة من غسل ودهن وتنظيف ثياب ونحو ذلك ولا يلزمها شيء من نفقات ذلك وأجرتها على الوالد الصبي إن لم يكن له مال وإلا ففي ماله.