الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1013
ثم إن الإجارة تنقسم إلى قسمين: إجارة عين، وإجارة ذمة.
وإجارة العين هي عبارة عن العقد الوارد على منفعة ةتعلقة بشيء معين نعلوم للمستأجر كالمبيع الحاضر المعلوم للمشتري في البيع وذلك كأن يستأجر شخص عقاراً معيناً كأرض زراعية معينة لينتفع بزرعها مدة مخصوصة باجرة معينة أو يستأجر كذلك لينتفع بسكناها او شخص معين ليخدمه سنة.
وأما إجارة الذمة فهي عبارة عن العقد علة منفعة متعلقة بشيء غير معين بل موصوف بالذمة، أو بعبارة أخرى هي كما كانت المنفعة ديناً في الذمة كما في السلم.
وذلك كأن يقول شخص لآخر آجرتك جملاً صفته كذا ليحملك إلى بلد كذا فإن المنفعة في هذا بحمل غير معين بل موصوف في ذمة المؤجر فالمراد بالعين (في قولهم إجارة عين) ما قابل الذمة لا ما قابل المنفعة لأن عقد الإجارة وارد على المنفعة أي على أي حال، لكن تارة تكون المنفعة متعلقة بشيء نعين، كمنفعة العين الوراعية النعلومة، وتارة لا تكون كمنفعة الجمل الموصوف كما بيناه.
وإذا قد عرفت ذلك فعلم انه يشترط في إجاة الذمة أن تكون بصيغة خاصة، فلا تنعقد بغيرها وهي الزمت ذمتك أو أسلمت إليك كذا، فإذا أراد شخص أن يستأجر جملاً غير معين من آخر، فلا بد أن يقول له ألزمت ذمتك كذا من القروش في جمل صفته كذا يحمل لي متاعي إلى جهة كذا أو يقول له: أسلمت إليك كذا من القروش مثل ذلك.
كل عقد يراد به منفعة متعلقة بشيء غير معين كما إذا قال له أـلزمت ذمتك بكذا منة الرقوش لخياطة هذا الثوب أو في بناء هذا الحائظ لأن يكون معنى ذلك أن الذي يتعلق به المنفعة غير معين سواء كان هو المخاطب أو غيره ومن هذا يعلم أن إجارة العين لا يجوز معها للأجير أن يأذن لغيره بالعمل، فلو قال له: استأجرتك لبناء هذا الحائط فلم يبنه بنفسه وإذن لغيره بالبناء فيه، فإن ذلك لا يصح. ثم إن العامل الثاني إذا كان يعلم أن التعاقد على أن الذي يباشر العمل هو الأول لا تكون له أجرة على عمله مطلقاً، وإذا كان لا يعلم الحقيقة كانت له أجرة المصثل على من أذنه.