پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص1001

ينبغي أن تكون منفعة معتبرة في نظر الشرع والعقل خرج به ما إذا استأجر شيئاً لغرض غير صحيح في نظر الشرع والعقل كما استأجر فرساً بضعة أيام ليقال إنه راكبي الخيل أو استأجر ثوباً ليوهم الناس أنه من العظماء يلبسه أو استأجر داراً ولم يسكنها ليقال إنه ثري قادر على دفع الإجارة ونحو ذلك من الأمور الصبيانية التي لا تكون لها قيمة في نظر الرجال وإن كانت مقصودة لصغار العقول فالمراد بقولهم مقصودة إنما هو القصد المعتبر في نظر الشرع والعقل لا مجرد القصد فإذا وقع شيء من ذلك كانت الإجارة فاسد ولا يلوم المستأجر أجرتها وإن استعملها.

أما إذا كانت الإجارة فاسدة بسبب الإبهام وكان الغرض من الاستئجار صحيحاً فإن الأجرة تلزم المستأجر بالاستعمال.

وأما ركن الإجارة فهو الإيجاب والقبول لما عرفت كما تقدم أن المراد بالركن ما كان داخلاً في الماهية العقد هي الصفة التي يتحقق بها وما عدا مما تتوقف عليه كالعاقد والمعقود عليه فإنه شرط لتتحقق الماهية.

وتنعقد الإجارة بلفظ، وبغير لفظ، وهو المعاطاة، فأما الأول فإنه يشترط فيه أن يكون لفظاً ماضياً من العاقدين بأن يقول أحدهما أجرت هذه الدار أو أجرتها بالقصر والمد، كما تقدم فيقول الآخر قبلت أو استأجرت. هذه الدار فقال له الآخر أجرت وكما تنعقد بلفظ إجارة فإنها كذلك تنعقد بلفظ الهبة والصلح كأن يقول أحدهما وهبتك منافع هذه الدار سنة بكذا أو شهراً فيقول الآخر قبلت. وكذا قال له صالحتك على منفعة هذه الدار سنة بكذا وقال قبلت فإن ذلك يكون إجارة وتنعقد أيضاً بلفظ الإعارة لأن العارية بعوض إجارة فلو قال اعرتك منفعة هذه الدار شهراً بجنيهين فإنها تكون إجارة أما إذا قال له أجرتك منافع هذه الدار شهراً بلا عوض فإنها لا تكون إعارة بل إجارة فاسدة فإذا استعملها بعد ذلك يلزم باجرة مثلها. وأما الثاني وهو المعطاة فإن الإجارة تنعقد به في المدة القصيرة والأجور الصغيرة التي تحدث بين الناس عادة من غير كركوب السفينة ودخول الحمام والحلاقة ونحو ذلك فإنه يجوز أن بقع ذلك بدون عقد إجارة صحيحة وأما المدة الطويلة فإن الإجارة تنعقد فيها بالمعاطاة متى كانت الأجرة من سنة لأخرى فقد ترتفع وقد تنخفض وذلك موجب للنزاع.

ومن أمثلة الإجارة التي تنعقد بدون لفظ أن يسكن أحدهما في دار بأجرة معلومة مدة معينة حتى إذا لنتهت المدة استمر ساكناً وسكت صاحبها واستلم منه بعض الأجرة فإن تنعقد بذلك سنة أخرى ويجب الأجر بدون عقد ومنه المثال الذي تقدم في التعريف.

(وأما أقسامها) فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم يرد على منافع الأعيان كاستئجار الأراضي والدواب والثياب وما أشبه ذلك فغن عقد الإجارة لهذه الأشياء وارد على منفعتها إذ الغرض من تأجير الأراضي الانتفاع بزرعها ومن تأجير الأواني والثياب الانتفاع باستعمالها فالعقد فيها متعلق بمنفعتها.

وقسم يرد على نفس العمل كاستئجار أرباب المهن على الأعمال التي يقومون به من الأعمال. أما المنافع المترتبة على أعمالهم آخر خارج التعاقد.