الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص990
وأما الصيغة فشرطها أن تكون بما يدل على الشركة عرفاً سواء كان بالقول أو الفعل ومثال الأول أن يقول كل منهما اشتركنا على كذا أو يقول أحدهما ويسكت الآخر راضياً أو يقول أحدهما شاركني ويرضى الاخر ومثال الثاني أن يخلط كل منهما ماله صاحبه ويتجرا ومتى تحققت الصيغة بالقول أو الفعل لزم عقد الشركة. وإذا أراد أحدهما أن ينفصل عن صاحبه قبل خلط المالين وامتنع الآخر فليس للأول حق الانفصال إلا إذا بيعت السلع التي اشترياها وظهر رأس المال.
وأما رأس المال فإنه يصح بأمور ثلاثة، أحدهما النقدان من الذهب والفضة وهذا يشترط فيه ثلاثة أمور:
الأول أن يتحد ما يدفعه أحدهما بما يدفعه الآخر في الجنس بأن يخرج أحدهما ذهباً فقط والآخر فضة فإن فعلا ذلك فلكل منها رأس ماله ويقسمان الربح لكل عشرة واحد.
الثاني: أن يتحد المالان في الصرف والوزن والجودة والرداءة فلا يصح أن يختلف في التصرف كأن يصرف جنيه أحدهما مثلاً بخمسة وتسعين جنيه والآخر بتسعين مع اتحادهما في الوزن لأنهما إن اتفقا على إلغاء الزيادة فقد تفاوتا في رأس المال أحدهما في هذه يدفع أكثر من صاحبه ولم يحسب له ما دفعه والتفاوت مفسد للشركة وإن اتفقا على حساب الزيادة ترتب على عدم اعتبار الوزن في صرف الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة وهو ممنوع.
وكذلك لا يصح أن يختلفا في الوزن لما عرفت. اما اختلافهما في الجودة والرداءة بأن كان أحدهما جيداً والاخر رديئاً فإنه لا يصح لأن قيمة الجيد أزيد من قيمة الرديء طبعاً على إلغاء الوزن وإلغاء الوزن في عيار الذهب والفضة ممنوع.
الأمر الثالث: أن يكون رأس مال الشركة من النقدين حاضراً فإذا اشتركا على مال غائب فإنه. لا يصح اما إذا كان مال أحدهما حاضراً ومال الآخر غائباً فإن كانت غيبته بعيدة بحيث لا يمكن إحضاره في مسافة يوميين فإن الشركة لا تصح.
وإذا كان بعض مال أحدهما غائباً ويعضه حاضراً كأن كان معه ألف منها خمسمائة بيده والباقي مودع في مكان ثم اشتركا على الأفين فإنه ينبغي تأجيل العمل حتى تحضر الخمسمائة في مسافة قريبة فإن عملا قبل ذلك كان لصاحب الخمسمائة نصيبه من الربح ذلك وهو الثلث فقط.
ثانيهما: أن يكون رأس المال عيناً من أحدهما وعروض تجارة من الآخر كأن يدفع أحدهما نقداً من ذهب أو فضة ويدفع الآخر يلعة من قماش أو قطن أو قمح.