پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص960

وأما الصيغة فهي الإيجاب والقبول فإنها تحقق بقوبول المالك ضاربتك وعاملتك ونحوهما فيقول العمل قبلت أو رضيت. وإذا كان الإيجاب بلفظ الماضي كما في ضاربتك وعاملتك المذكورين فلا بد أن يكون القبول رفضاً فلا يصح أن يأخذا العمل المال ويعمل فيه دون تصريح بالقبول أما إذا كانت الصيغة بلفظ الأمر كأن يقول المالك: خذ هذا الألف مثلاً واتجر فيه على أن يكون الربح بيننا نصفين وقيل لا بد فيه من القبول لفظاَ أيضاً كغيره من سائر العقود وقيل يكفي فيه الشروع في العمل فإذا أخذ وعمل فيه بدون قول صح العقد، ومثل ذلك ما إذا قال له: خذه وبع فيه واشتر على أنا يكون الربح بيننا ويشترط لصحة الصيغة أن يذكر فيها الربح نصاً، فإن لم ينص على الربح فسد العقد كما تقدم .

وأما المال فلا يشترط له شروط. وأحدها أن يكون نقداً مضروباً (ذهباً أو فضة مختومين بختم الحاكم ليتعامل بهما) فلا تصح بالتبر (كسارة الذهب والفضة إذا أخذ من معدهما قبل تنقيتهما من ترابهما) ولا بقطع الذهب التي لم تضرب ضرباً يتعامل به كالحلي من أسورة والخلاخل ونحوهما فلو أعطت امرأة حليها لشخص على أن يتجر فيه بجزء من الربح فإنه لا يصح وكذلك لا يصح بعرض التجارة كالنحاس والقطن والقماش ونحو ذلك.

ومن عروض التجارة الفلوس (العملة المأخوذة من غير الذهب والفضة) فلا تصح المضاربة بها لأنها مأخوزة من النحاس والبرونز وهما من عروض النجارة وبعضهم يقول إن الفلوس يتعامل بها كالنقدين فهي من النقد لا من عروض التجارة فيصبح جعلها رأس مال المضارية.

ثانيها : أن تكون معلومة القدر والجنس كمائة جنيه مصري أو ألف ريال مصرية فلا تصح بالمجهول لما فيه من الغرر المفضي للتنازع.

ثالثها: أن يكون معيناً فلا يصح أن يقول له: ضاربتك على أحدى هاتين الصرتين المتساويتين فإن قال له ذلك ولم يعين إحداهما في مجلس العقد فسد، وإذا قال المالك: قارضتك على مائة جنيه في ذمتي ذم بينهما في مجلس العقد فإنه يصح لأن الواقع في مجلس العقد مثل الواقع في نفس العقد. أما إذاكان له دين في ذمة العامل أو في شخص آخر أجنبي عنهما فإنه لاتصح المضاربة عليه وكذلك لاتصح المضاربة على المنفعة كأن يقول له: خذ هذه الدار وقم على تأجيرها كلما خلت ولك نصف ما زاد على أجر مثلها).

——————————

3 دليل المضاربة وحكمة تشريعها

-دليل المضاربة الإجماع فقد أجمع المسلمون على جواز ذلك النوع من المعاملة ولم يخالف فيه أحد وقد كان معروفاً في الجاهلية فأقره الإسلام لما فيه من المصلحة وذلك شأنه في كل تشريعة فهو دائماً يبحث عن المصلحة ليقرها ويحث على تحصيلها ويحذر من المفسدة والدنو منها.

حتى يعيش المجتمع عيشه راضية يستعين بعض أفراده فيما يعود عليهم جميعاً بالخير والسعادة.

فالمضاربة عقد قد يكون فيه مصلحة ضرورية للناس وعند ذلك يكون داخلاً في القاعدة العامة وهي الحث على عمل فيه المصلحة ويكون له حكم الفائدة المترتبة عليه فكلنا عظمت فائدة المضاربة كلما كان طلبها مؤكداً في نظر الشرع ولهذا قال بعضهم انها سنة ولا حاجة إلى تأويل

قوله هذا بأنها ثبت بالسنة لا أن حكمها السنية لأنها نوع من المعاملة