الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص944
الركن الأول: الصيغة، وهي تارة تكون صريحة وتارة تحتمل أن تكون صريحة وأن تكون كناية، فالصريحة هي ما كانت بلفظ ساقيت وعاملت، فإذا قال له ساقيتك على هذا النخل أو العنب بكذا من ثمره، فإن العقد يقع صريحاً لازماً، اما الألفاظ التي تحتمل الأمرين فهي كأن يقول له سلمت لك هذا النخل أو هذا العنب لتتعهده بكذا من ثمره. أو يقول له تعهد هذا النخل الخ، أو يقول له اعمل فيه. فهذه الألفاظ الثلاثة تحتمل أن تكون صريحة في المساقاة وتحتمل أن تكون كناية لأنه يصح أن يقول قصدت بها الإجارة فيفسد العقد حينئذ لأن الإجارة لا تصح بجزء من الخارج.
ولكن المعتمد أن هذه الألفاظ صريحة في المساقاة لأن عدم ذكر لفظ الإجارة مع جعل العوض جزءاً من الثمر يعين المساقاة.
نعم لو صرح بلفظ الإجارة بأن قال له: أجرتك هذا النخل بجزء من ثمره فإنها تقع إجارة فاسدة نظراً للتصريح باللفظ وإن كانت في معنى المساقاة،
وكذا لو قال له ساقيتك على هذا النخل بعشرين جنيهاً فإن يقع فاسداً لأن المساقاة إنما تكون بجزء من الثمر لا بالنقد ولا يصح أن يكون إجارة نظراً للفظ المساقاة وإن كان في معنى الإجارة من حيث كونه بالنقد.
ويشترط لصحة الصيغة القبول لفظاً فلا يكفي مباشرة من العامل أو تسليم الشجر من المالك، فإذا كان أخرس فإن إشارته تقوم قوله إلا أن إشارته تون صريحة إذا كانت مفهومة لكل أحد وتكون كناية إذا كانت مفهومة للفطن فقط فإذا كانت كناية لا يلزم بها إذا امنتنع عن تنفيذ العقد إلا إذا قامت قرينة ترجح إرادة العقد.
الركن الثاني: العاقدان، إذ لا تتحقق المساقاة إلا بمالك وعامل يشترط فيهما أن يكون كل واحد منهما أهلاً للتعاقد فلا تصح من مجنون وصبي
الخ ما تقدم في البيع ويجوز للولي أن يتولى ذلك عن القاصر كما عرفت قريباً.
الركن الثالث: مورد العمل وهو النخل أو العنب إذ لا تتحقق المساقاة إلا
بوجودهما.
ومذهب الشافعية المعمول به الآن أن المساقاة لا تصح إلا في النخل والعنب بخصوصه ويعللون هذا بأن غيرهما من الأشجار ينمو بنفسه فلا يحتاج إلى من يباشر العمل فيه بخلاف النخل والعنب وقد يقال إن كثيراً من الأشجار تحتاج إلى تربية وعلاج أكثر كالمانجو وغيرهما أما المذهب القديم عندهم فإنها تصح في جميع الأشجار المثمرة واختاره بعض أئمتهم.
وعلى مذهب المعمول به عندهم إذا ساقى شخص آخر على نخل آخر كنبق أو برتقال أو غيرهما فهل تصح المساقاة عليهما تبعاً للنخل؟ خلاف والأصح الجواز بالشروط المتقدمة في المزارعة التي تصح تبعاً للمساقة. فإذا كان بالبستان شجر لا يثمر كالصنوبر فإنه لا تصح المساقاة عليه تبعاً للنخل كما لاتصح المساقاة منفرداً، ومثله الزرع الذي لا ساق له كالبطيخ والعجور وقصب السكر فإنها المساقاة عليها تبعاً كما لا تصح منفردة وبعضهم يقول بجواز المساقاة عليها تبعاً بالشرائط المذكورة.