الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص931
فإن كانت الزريعة من كلا الشريكين فإن المزارعة لا تصح إلا إذا خلط كل شيء منهما ما يخصه بما يخض صاحبه إما حقيقة بأن يضع كل منهما بذره على بذر الآخر، أو حكماً بأن يخرج كل منهما ما عليه إلى الأرض (الغيظ) ثم يبذر من هذا ومن ذاك بدون تمييز؛ فإذا اختص أحدهما بالبذر من تقاويه في فدان خاص تفسد المزارعة وقال بعضهم: لا يشترط ذلك بل لو اختص كل واحد بفدان ببذره فأخذ الحب ويذره بدون أن يخلطه ببذر صاحبه فإنه يصح والقولان راجحان.
الشرط الرابع، أن يخرج كل واحد من الشريكين بذره مماثلاً لبذر صاحبه في الجنس والنصف فلا يصح أن يخرج أحدهما قمحاً والآخر فولاً فسدت الشركة وكان لكل واحد ما انبته بذره وعليه يقول: إنه لازم، وبعضهم إنه ليس بلازم، فيصح أن يخرج أحدهما قمحاً والآخر فولاً.
فالشرط المتفق على رجحانها اثنان: أن لا يشتمل العقد على تأجير الأرض بممنوع وان يتساوى الشريكان في الربح بحسب رأس المال، وبعضهم يقول بجوار تاجير الأرض مما يخرج منها فتصح المزارعة عنده مطلقة وفي المالكية وفي ذلك سعة.
الصورة الأولى من صور الصحيحة: هي أن يتساوى الشريكان أو الشركاء في الأرض والعمل والبذر وآلة الزرع والثيران وأن يتفقان على ان يأخذ كل واحد من الربح بقدر ما اخرجه وهذه الصورة جائزة بالتفاق وقد تم بيانها وهي جائزة عند الشافعية بلاخلاف.
الصورة الثانية: أن تكون الأرض مملوكة لهما معاً أو أرضاً مباحة ليست ملكاً لأحد ثم يتفقان على زرعها شركة وعلى أحدهما البذر وعاى الثانى العمل، وهذه أيضاً صحيحة وتصح عند الشافعية لو أن صاحب البذر جعل للشريك الآخر بعضاً من البذر شائعاً نظير عمل شريكه له فيما لصاحب البذر من الرض شائعاً.
الصورة الثالثة: أن تكون الأرض مملوكة لأحدهما ويكون عليه البذر أيضاً نظير أن يكون على الآخر العمل باليد والبقر والآلة فقط. فسيأتى وهذه أيضاً جائزة إذا كانت لها قيمة.
الصورة الرابعة: أن تكون مملوكة لأحدهما وعليه بعض البذر وعلى الشريك الاخر العمل وبعض البذر، وهذه الصورة تصح بشرط أن لا ينقص ما يأخذه العامل من الزرع عن نسبة ما دفعه من البذر بل لا بد أن تكون حصة مستوية لما دفعه أو زائدة عليه.
مثال ذلك: أن يخرج رب الأرض ثلثي البذر ويخرج العامل الثث ثم يشترط أن يكون للعامل نصف الربع أو ثلثه، فإذا اشترط النصف فقد أخذ أكثر من نسبة بذره لأنه أخرج الثلث، ولإذا اشترط الثلث فقد أخذ ما يساوى بذره أما إذا اشترط له الربع فإن المزارعة تفسد.