پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج3-ص921

-المزارعة، والمساقاة، والمخابرة ونحوها ألفاظها معان اصطلح عليها الفقهاء، تتعلق بها أحكام شرعية من حيث الحل والحرمة، والصحة والبطلان ولها معان لغوية أصل للمعاني الاصطلاحية وسنذكرلك بيان كل واحد منها فيما يلي:

3 تعريف المزارعة

-هي في اللغة مفاعلة مشتقة من الزرع، والزرع له معنيان: أحدهما: طرح الزرعة – بضم الزاي – وهي البذر، والمراد إلقاء البذر على الأرض. الإنبات، إلا أن المعنى الأول للزرع مجاز، والمعنى الثاني حقيقي، ولهذا ورد النهي عن أ ن يقول الإنسان زرعت بل يقول حرثت، فقد روى البزار عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “لا يقول أحدكم زرعت وليقل حرثت”، ومعنى هذا أنه لا يصح أن يقول زرعت ويريد المعنى الحقيقي للزرع وهو الإنبات لأن المنبت هو اللّه تعالى كما أشار إلى ذلك سبحانه بقوله: أفرأيتم ماتحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون

فقد نسب سبحانه لعباده الحرث وهو إلقاء البذرة، أما الإنبات فإنهم لا يستطيعون إدعاءه، إذ لو كان من عملهم لكان لازماً، والواقع غير ذلك فقد يلقون البذر ولا ينبت أصلاً، أو ينبت ثم تجتاحه جائحة كما قال تعالى: لو نشاء لجعلناه حطاماً

.

أما إذا قال: زرعت، وأراد منه المعنى المجازي، أي ألقيت البذر، فإنه جائز، ولهذا روى مسلم عن جابر بن عبد اللّه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: “لا يغرس المسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان ولادابة ولاشيء إلا كانت له صدقة” فهذا صريح في جواز نسبة الزرع إلى الإنسان، إلا أن الواقع أن عمل الإنسان هو شق الأرض والقاء البذر وتعهدها بالوسائل العادية، أما الإنبات فليس لهو فيه عمل ما.

ومثل ذلك المعنى كما قال تعالى: أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون

فخلق الجنين وتكوينه ليس من عمل الإنسان بأي حال.

ثم إن المشهور أن مصدر المفاعلة لا يقع إلا بين اثنين كالمشاركة والمضاربة، فإن الأشتراك وهو المصدر الذي أخذت منه المضاربة واقع من اثنين.

وقد يستعمل مصدر المفاعلة في فعل واحد فيقال إن المفاعلة ليست على بابها فهل الزرع الذي هو مصدر المزارعة مستعمل في فعل العامل الذي يزرع الأرض فقط فتكون المفاعلة ليست على بابها ؟

والجواب أنه يصح استعماله في الأمرين، وذلك لأنالزرع مسبب عن شيئين، أحدهما: فعل العامل وهو الحرث والبذر والسقي ونحو ذلك. وثانيهما: فعل المالك وهو تمكين العامل من الأرض والآلات التي يزرع بها فالزرع واقع بسبب الإثنبن، فالمفاعلة على بابها فإذا قطع النظر عن فعل المالك لظهورنسبة الزرع إلى العامل المباشر كانت المفاعلة على غير بابها.