الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص919
الحنابلة – قالوا: الدين من أسباب الحجر، ولكن بشرط أن يكون الدين أكثر من ماله الموجود، ويسمى المدين الذي يستغرق الدين ماله ويزيد عليه مفلساً، لأنه ماله الذي تحت يده مستحق للغير فهو معدوم في الواقع، فيحجر على المفلس بواسطة الحاكم. ويشترط أن يطلب الدائنون كلهم أو بعضهم الحجر، فإذا لم يطلبوا لم يحجر عليه.
وجميع تصرفات المدين قبل الحجر عليه من البيع والهبة والإقرار وقضاء بعض الدائنين فافذة أما بعد الحجر فإنه لا ينفذ شيء من تصرفه في ماله ببيع أو غيره. وكل ما يتجدد له من مال بعد الحجر فإنه يكون كالموجود حال الحجر، فلا يصح له أن يتصرف فيه أيضاً. وكذلك لا يصح الإقرار بشيء من ماله لغير الدائنين الذين حجروا عليه.
وبعد الحجر يبيع الحاكم ماله ويقسمه بين الغرماء بحسب ديونهم على الفور. ولا يحتاج الحاكم إلى استئذان المفلس في البيع، ولكن يستحب أن يكون حاضراً كما يستحب أن يكون الدائنون حاضرين.
وإذا أقرضه أحد شيئاً بعد الحجر أو باعه شيئاً فليس له المطالبة إلا بعد فك الحجر عنه، وللدائن منع المدين من السفر بشروط.
الشرط الأول: أن يكون السفر طويلاً يحل الدين قبل فراغه.
الشرط الثاني: أن يكون مخوفاً ولو كان قصيراً؛ أما إن كان مأموناً لكنه قصير يحل الدين بعده فليس له منعه.
الشرط الثالث: أن لا يكون للدين رهن يفي به أو كفيل ذو مال، فإن كان ذلك فليس له منعه.
الشرط الرابع: أن لا يكون السفر لجهاد متعين، فإن كان لذلك فليس له منعه. وللحاكم حبس المدين الموسر الذي يمتنع عن الوفاء، والحبس للدين من الأمور المحدثة. وأول من حبس عليه شريح، وهو مأخوذ من قوله صلى اللّه عليه وسلم: لي “مطل” الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته! وقد فسر عرضه بشكواه للحاكم، وعقوبته بحبسه.
تم الجزء الثاني – ويليه الجزء الثالث وأوله مباحث المزارعة