الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص905
ومن هذا تعلم أن الحاكم لا يجوز له أن يبيع مال الصغير إلا إذا كان يتيماً لا أب له ويقيم له أبوه وصياً ويعبرون عنه بالمهمل. ويشترط لصحة البيع أن يكون لسبب الحاجة لا غير. أما الأسباب الأخرى التي يبيع من أجلها الوصي فإنه لا يصح للقاضي ولا لوصيه أن يبيع من أجلها.
فيتحصل من ذلك كله أن الأب يبيع بشرط مصلحة الصغير بلا شرط ولا قيد بعد ذلك، والوصي الذي أقامه الأب يبيع لسبب من الأسباب التي ذكرت آنفاً، والحاكم ووصيه لا يبيعان إلا لسبب واحد وهو الحاجة من نفقة أو سداد ولا وفاء له إلا من ثمنه بالشروط التي ذكرت.
هذا وللولي أن يأخذ بالشفعة للقاصر، وله أن يترك ذلك حسب المصلحة.
الشافعية – قالوا: ويجوز للولي أن يبيع العقار المملوك لمن له عليه ولاية كالدور والأراضي الزراعية ونحوها إذا احقق أحد أمرين:
الأول: أن تدعو الحاجة إلى بيعه كنفقة وكسوة لم تف غلة ملكه بهما.
الثاني: أن تكون في بيعه مصلحة ظاهرة للمحجور عليه، وذلك بأن تكون صفقة البيع رابحة بأن يبيع بأكثر من ثمن مثله، ويمكن الحصول على مثله ببعض الثمن الذي بيع به فإذا لم يوجد واحد من هذين فلا يجوز للولي أن يبيع العقار المملوك للمحجور عليه، ومتى تحقق ما ذكر فإنه يصح له أن يبيعه بالنقد، وأن يبيعه لأجل ولكن بشرط أن يكون الثمن في حالة البيع لأجل أكثر مما إذا كان البيع نقداً. وعلى الولي أن يعمل ما يحفظ الدين من التوثق فيشهد على البيع ويرتهن به رهناً وافياً، فإذا أهمل ذلك كان عليه ضمان الثمن.
وعلى كل حال فيجب على الولي أن يتصرف بما فيه مصلحة المحجور عليه.
الحنابلة – قالوا: ليس للولي أن يشتري من مال الصغير والمجنون شيئاً لنفسه ولا أن يرهن شيئاً إلا إن كان أباً فإن له أن يفعل ذلك، لأن الأب بطبعه يسعى في مصلحة ابنه، فهو لا يفعل إلا ما فيه حظه بخلاف غيره. ويجوز للولي سواء كان أباً أو غيره أن يبيع عقار المحجور عليه لمصلحة ولو لم يحصل زيادة على ثمن مثله، وأنواع المصلحة كثيرة:
ومنها: الحاجة إلى نفقة أو كسوة أو قضاء دين ونحو ذلك مما لا بد للصغير أو المجنون، بشرط أن لا يكون عند المحجور عليه ما تندفع به الحاجة سوى المبيع.
ومنها: أن يخاف على العقار الهلاك بغرق أو خراب أو نحو ذلك.
ومنها: أن يكون في بيع العقار صفقة رابحة للقاصر كأن يباع بزيادة كثيرة على ثمن مثله ولا تتقيد بالثلث.
ومنها: أن يكون العقار في مكان لا ينتفع به، كأن يكون في حي غير عامر أو قذر فيبيعه ليشتري عيناً في جهة آهلة بالسكان، أو جهة ترتفع فيها الأجرة.