پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص894

وكما أن الشريعة الإسلامية حثت الكبير على أن يعين الصغير، كذلك حثت من آتاه اللّه عقلاً على أن يعين من حرم منه وإن كان كبيراً، لأن من ابتلاه اللّه بضعف العقل وفقد ادراك فقد جعله كالأطفال في هذه الحياة وإن كان كبير الجسم والسن، فإن العقل هو الذي يمتاز به الإنسان عن الحيوان، فإذا ذهب أصبح الإنسان كالأطفال، فلا يصح تركه وشأنه حتى يقضي عليه الأشرار، فالحجر بسبب الصغر والجنون لمصلحتهما أمر متفق عليه بين أئمة المسلمين: أما الحجر على الكبير العاقبل بسبب سوء التصرف، والسفه والتبذير ونحو ذلك مما يأتي فذلك محل خلاف (الحنفية – قالوا: الذي قال إن السفه ليس سبباً من أسباب الحجر هو الإمام أبو حنيفة وحده، أما صاحباه فقد قالا كما قال جمهور الأئمة وهو أن السفيه يحجر عليه كالصغير والمجنون ويظهر أن الإمام يميل إلى عدم حبس الأموال، فمن كان أهلاً للتصرف فأحسن استثمار ماله فذاك، ومن لم يكن أهلاً وبذر فيه فجزاؤه أن ينتقل المال من يده إلى أيد متصرفة تنتفع به وتنفع الناس.

ومن أجل ذلك يقول الإمام: إن الوقف لا يلزم إلا بحكم الحاكم كما سيأتي في بابه.

فالحر العاقل لا يحجر عليه، سواء كان فاسقاً أو مبذراً على أنه يقول: إن من أسباب الحجر على العاقل أن يعمل عملاً يتعدى ضرره إلى غيره، كالطبيب الجاهل الذي لا يحسن الطب فيضر الناس. ومثله المفتي الجاهل الذي يضلل الناس، أو الماجن الذي يفتيهم بالحيل الباطلة. وكذلك الرجل يحتال على الناس فيأخذ أموالهم، ومثله له بالمكاري المفلس، وهو الذي يكري للناس جمالاً ونحوها ويجحذ أجرتها وليس عنده شيء منها، حتى إذا جاؤوا ليأخذوها هرب منهم وأضاع عليهم أموالهم.

وقد يقال: كيف يقول الإمام بالحجر على هؤلاء الثلاثة مع أنه قرر أنه لا يصح الحجر على الحر العاقل؟ والجواب: أنه لا يريد الحجر عليهم بمعناه الشرعي المتقدم وهو عدم نفاذ تصرفهم، وإنما يريد منعهم بالفعل، فالحاكم لا يبيح للطبيب الجاهل أن يزاول مهنة الطب، ولا يبيح للمفتي الماجن أن يفتي بين الناس وهكذا. أما إذا وقع منهم تصرف صحيح كما إذا أتفى الماجن بحكم صحيح فإنه ينفذ). ولكن جمهو الأئمة وعلماء الإسلام على أنه في حكم المجنون والصغير، لأن النتيجة التي شرع من أجلها الحجر متحققة في السفيه، فالسفيه الذي لا يحسن التصرف لا يلبث أن يقضي على ماله كما يقضي عليه الصغير والمجنون تماماً، ومتى كان الحجر لمصلة المحجور عليه كان لزاماً أن يحجر على السفيه لمصلحته أيضاً، بل ولمصلحة الناس، لأنه لا بد أن يعامل الناس فيقضي على أموالهم ومن أجل ذلك قال اللّه تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل اللّه لكم قياماً

ومن أسباب الحجر لمصلحة الناس: الحجر بسبب الدين.

ويتضح من هذا أن أسباب الحجر المعروفة التي عليها العمل غالباً ثلاثة: أحدها: الصغر. ثانيها: الجنون، ومثله العته. ثالثهاً: السفه.

وهناك أسباب أخرى كالرق. فإن الرقيق محجور عليه لكونه ليس أهلاً للملك، فلا يصح له أن يتصرف في ملك غيره إلا بإذنه وغير ذلك.

3 الحجر على الصغير

الصغير وصف في الإنسان من حين ولادته إلى أن يبلغ الحلم، وسبب الصغر: عدم تكامل قوى الإنسان البشرية. وهو وإن كان لازماً لغالب أفراد الإنسان، إلا أن الإنسان قد يوجد كبيراً فيختلف عنه الصغر، ولكن ذلك نادر كما في آدم وحواء.

3 ما يعرف به بلوغ الصغير