پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص886

(الحنفية – قالوا: يتعلق بالقرض أحكام. منها: أنه مضمون بمثله، فإذا اقترض مكيلاً كقمح مثلاً فإنه لا يلزم إلا برد مثل ما أخذه بقطع النظر عن غلائه ورخصه. وكذلك الحال فيما يعد أو يوزن، فإذا اقترض فلوساً “قروشاً رائجة” ثم بطلت المعاملة بها فإنه لا يلزم إلا برد مثلها. وكذلك إذا اقترض عشرين رطلاً من اللحم وكان سعر الرطل خمسة قروش ثم نزل السعر إلى قرشين. فإنه لا يلزم إلا برد العشرين رطلاً، وذلك إذا اقترض خبزاً فإنه لا يلزم إلا برد العدد الذي أخذه أو بوزنه الخبز يصح قرضه عداً ووزناً.

ومنها: أن التوكيل يصح في القرض وفي قبضه كأن يقول شخص لآخر: أقرضني كذا. ثم يوكل عنه من يقبض له. أما الاستقرار وهو: طلب القرض فلا يصح التوكيل فيه، فإذا وكل شخص آخر في أن يذهب إلى فلان ويستقرض له منه شيئاً فإنه لا يكون وكيلاً عنه في ذلك. فإذا استقرض المأمور على الأمر لأنه ليس وكيلاً له. وتصح الرسالة في الاستقراض كأن يرسل رسولاً إلى فلان ليستقرض له منه، فإن ذهب الرسول وقال: فلان يستقرض منك كذا فأقرضه كان المال للآمر المرسل. أما إذا قال: أقرضني كذا وأضاف القرض لنفسه فأعطاه فإن المال يكون له، وله أن يمنعه من المرسل. وقد تقدم شيء من ذلك في مباحث اليمين.

ومنها: أن يكره أن يقرض شخص لآخر شيئاً في نظير منفعة. ولكن محل ذلك إذا كانت المنفعة مشترطة في العقد، كأن يقرضه مثلاً عشرين إردباً من القمح “الغلت” على أن يأخذ مثلها نظيفاً. أما إذا أقرضه شيئاً رديئاً فأعطاه جيداً بدون شرط فإنه لا كراهة فيه. ومثل ذلك: ما إذا أقرضه مالاً يشتري منه سلعة بثمن غالٍ. كما إذا كان عنده ثياب من الحرير أو القطن يساوي ثمن الواحد منها عشرة ثم جاءه رجل فاستقرض منه مائتين، فأعطاه ببعض القرض ثياباً ثمن الثوب عشرون وكمل له الباقي نقوداً. فإذا لم يكن ذلك مشروطاً في العقد يجوز. وبعضهم يقول بكراهته. أما اذا كان مشروطاً في العقد فإنه يكون مكروهاً، ولا بأس أن يهدي من عليه القرض لمن اقترض منه. ولكن الأفضل التورع عن ذلك.

ومن ذلك ما إذا طلب شخص من آخر أن يقرضه مالاً فقال له: اشتر مني هذا الثوب بعشرين فاشتراه ثم باعه لشخص غير الذي اشتراه منه بعشرة، وهذا باعه لصاحبه بالعشرة فأخذها وأعطاها للمشتري الأول فأخذها، وبقي عليه دين العشرين، ويسمى هذا بيع العينة بكسر العين، فقال بعضهم: إنه جائز، وقال بعضهم: إنه مكروه.

ومنها: أنه لا يجوز أن يقرض الصبي المحجور عليه. فإذا أقرضه فأضاع الصبي ما أخذه فقد ضاع على صاحبه، أما إذا كان الصبي غير محجور عليه بأن كان مأذوناً بالتصرف فإنه يصح أن يقرضه، لأنه يكون في حكم البالغ وبعضهم يقول: إن الصبي المحجور عليه إذا استهلك ما اقترضه يكون عليه ضمانه، أما إذا هلك بنفسه فلا ضمان عليه اتفاقاً. ومثل الصبي في ذلك المعتوه.