الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص878
الحنابلة – قالوا: تنقسم شروط الرهن إلى قسمين: شروط لزوم، وشروط صحة فأما القسم الأول وهو شروط اللزوم: فهو قبضه المرهون، فإذا قبض المرتهن لزم الرهن في حق الراهن فليس له الرجوع بعد ذلك. أما قبل القبض فإنه لا يلزم ويصح له أن يتصرف فيه كما يشاء، حتى إن له أن يرهنه لشخص آخر ويكون ذلك إبطالاً للرهن الأول. ولو أذن الراهن للمرتهن في قبضه ولكنه لم يقبضه، فإنه يصح له أن يتصرف فيه أيضاً. وكذلك لا يلزم في حق المرتهن مطلقاً فله فسخه متى شاء، لأنه هو الذي ينتفع به في حفظ دينه وحده، فإن شاء أبقاه وإن شاء فسخه. والدليل على أنه لا يلزم إلا بعد القبض وقوله تعالى: فرهان مقبوضة
، فالقبض شرط في لزومه.
ويشترط في صحة القبض: أن يأذن له الراهن، فإن قبضه من غير إذنه لم يكن الرهن لازماً وصفة قبضه كصفة قبض البيع، فإن كان منقولاً فيكون قبضه بنقله كالحلي أو تناوله كالنقدين وإن كان مكيلاً فيكون قبضه بكيله، أو موزوناً فبوزنه، أو معدوداً فبعده، أو مذروعاً فبذرعه.
أما إن كان غير منقول كعقار من أرض وبناء وشجر، وثمر على شجر، وزرع على أرض فإن كل ذلك يصح رهنه، ويكون قبضه بالتخلية بينه وبين مرتهنه من غير حائل، واستدامة القبض شرط في اللزوم، فإن ردّ المرتهن المرهون للراهن بإجارة أو إعارة أو إيداع أو نحو ذلك زال لزومه وأصبح كأنه لم يكن مقبوضاً، فإن أعاده الراهن إلى المرتهن ثانياً باختياره عاد لزومه بالعقد السابق.
أما إذا انتزع المرهون من يد المرتهن بغير اختياره كأن اغتصبه الراهن منه، أو سرق منه، فإن العقد يبقى على لزومه.
وأما شروط الصحة فهي أربعة أنواع: نوع يتعلق بالعقد، ونوع يتعلق بالمتعاقدين الراهن والمرتهن، ونوع يتعلق بالمرهون، ونوع يتعلق بالمرهون به.
النوع الأول: ما يتعلق بالعقد وهو: أن لا يكون العقد معلقاً بشرط لا يقتضيه العقد كما تقدم في البيع، النوع الثاني: ما يتعلق بالعاقدين وهو: أن تتحقق الشروط السابقة في صحة بيعها فيصح الرهن ممن يصح منه البيع، فلا يصح الرهن من سفيه ولا من مفلس ولا من مجنون غير مميز على التفصيل المتقدم في البيع.
النوع الثالث: ما يتعلق بالمرهون وهو أمور: منها: أن تكون العين مملوكة للراهن بنفسها أو بمنافعها، كأن يستأجر عيناً من شخص ليرهنها في نظير دين عليه فإنه يصح، ومثل ذلك ما إذا استعار من شخص عيناً ليرهنها كذلك. ولا يشترط أن يبين المدين للمؤجر والمعير قدر الدين الذي يرهنهما به. إنما ينبغي بيانه، وبيان المرتهن، ومدة الرهن، وجنس الرهن، فإذا اشترط شيئاً من ذلك وخالفه لم يصح الرهن.