الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص875
وأما القسم الثالث: وهو شرط اللزوم: فهو قبض المرهون، فإذا حصل الإيجاب والقبول مع شرط الانعقاد انعقد الرهن صحيحاً ولكنه لا يكون لازماً إلا بالقبض، فللراهن أن يرجع في رهنه قبل أن يسلم المرهون فهو نظير الهبة، فإن للواهب الحق في الرجوع عن هبته قبل أن يقبضها الموهوب له. أما بعد قبضها فإنه ليس له الرجوع إلا برضا الموهوب له أو بالقضاء كما سيأتي في بابها إن شاء اللّه.
وصحح بعضهم أن القبض شرط في الانعقاد، فإذا لم يقبض المرهون كان العقد باطلاً، ولكن الأول أصح، ومن شروط اللزوم أيضا: الرشد والتكليف.
ويشترط في القبض إذن الراهن صريحاً أو دلالة، فالأول كأن يقول للمرتهن: أذنتك بقبض العين المرهونة، أو رضيت بقبضها، فيجوز للمرتهن بعد التصريح أن يقبضها في المجلس أو بعد الافتراق، والثاني كأن يقبض المرتهن العين بحضرة الراهن فيسكت ولا ينهاه، وبهذا يكون القبض صحيحاً لأن سكوته يدل على الإذن بالقبض، وإذا قبض المرهون مع الإخلال بشرط من الشروط السابقة كان القبض فاسداً فلا يلزم به العقد، كما إذا كان المرهون مشغولاً بحق الراهن، أو كان مما لا يمكن حيازته وحده كالثمر على الشجر، والزرع على الأرض، أو كان مشاعاً، وكذلك إذا كان القابض غير عاقل فإن قبضه لا يصح، فهذه شروط لصحة القبض أيضاً كما أنها شروط لصحة الرهن.
الشافعية – قالوا: تنقسم شروط الرهن إلى قسمين:
القسم الأول: شرط لزوم وهو قبض المرهون، فإذا رهن داراً ولم يستلمها المرتهن لم يلزم العقد، فيصح للراهن أن يرجع فيه.
وإذا كانت العين المرهونة تحت يد المرتهن قبل العقد، سواء كان ذلك بإجارة، أو إعارة، أو غصب، أو غير ذلك فإنها تكون مقبوضة له بعد العقد إذا مضى زمن يمكن قبضها فيه، ويشترط لصحة القبض إذن الراهن.
القسم الثاني: شروط الصحة وهي أنواع:
النوع الأول، يتعلق بالعقد: وهو أن لا يكون معلقاً على شرط لا يقتضيه العقد عند حلول الدين فإن هذا يبطل الرهن، أما إذا اشترط شرطاً يقتضيه العقد كشرط تقدم المرتهن على غيره من الغرماء في الاختصاص بالعين المرهونة فإنه لا يضر.
النوع الثاني، يتعلق بالعاقدين الراهن والمرتهن: وهو أهلية العاقدين بأن يكون كل منهما بالغاً عاقلاً غير محجور عليه فلا يصح رهن الصبي والمجنون والسفيه مطلقاً ولو بإذن الولي، على أن يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور عليه بالرهن في حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون ضرورة تدعوه إلى الرهن، كاحتياجى المحجور عليه لطعام أو كسوة أو تعليم أو نحو ذلك، بشرط أن لا يجد الولي وسيلة للإنفاق عليه سوى رهن ماله.
الحالة الثانية: أن يكون في الرهن مصلحة مالية تعود على المحجور عليه، كما إذا وجد عيناً تباع وفي شرائها ربح للمحجور عليه ولم يجد مالاً يشتريها به، فيصح له أن يرهن ملكه ليشتري به هذه العين حرصاً على فائدة المحجور عليه.