الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص861
المالكية – قالوا: شروط صحة السلم الزائدة على شروط صة البيع سبعة: الشرط الأول: قبض رأس المال كله وقد تقدم الكلام في جواز تأخيره وعدمه ويجوز شرط الخيار في رأس المال أو في المسلم إليه قبل قبض المال مدة ثلاثة أيام لا أكثر. ولو كان رأس المال داراً على المعتمد. فإن نقد رأس المال فسد العقد بشرط الخيار. وذلك لأنه بعد أن يقبض المسلم إليه، الذي هو في حكم البائع، رأس المال الذي هو في حكم الثمن مع شرط الخيار، كان رأس المال متردداً بين كونه سلفاً يصح أن يأخذه من دفعه، وبين كونه ثمنه فلا ينعقد السلم. وإذا شرط نقد رأس المال مع شرط الخيار بطل العقد أيضاً وإن لم ينعقد بالفعل، لأن المشروط لازم للشرط، حتى ولو نزل عن الشرط فإن العقد لا يرجع صحيحاً، وإذا تطوع رب السلم ونقده رأس المال، فإن كان معيناً كثوب معين أو حيوان معين فإنه يصح. أما إن كان غير معين كالجنيه فإنه لا يصح.
ويصح أن يكون رأس المال منفعة شيء معين كسكنى دار، أو استخدام حيوان، فإذا قال له: أسلمتك سكني داري مدة كذا في عشرين نعجة آخذها بعد شهر مثلاً فإنه يصح. أما جعل المنفعة بدلاً عن الدين، فإن فيها خلافاً، فإذا كان له عند نجار مثلاً ديناً فكلفه بعمل صندوق واحتسب له ذلك الدين. قيل: يصح، وقيل: لا. ولا بد من قبض الدار التي جعلت منفعتها رأس مال قبل تمام أيام ثلاثة. أما الحيوان فيجوز تأخيره أكثر بدون أن يشترط التأخير لأن الحيوان يجوز تأخيره كذلك، سواء جعل هو رأس المال أو جعله منفعة، أما إذا اشترط التأخير فإنه لا يجوز.
الشرط الثاني من شروط السلم: ما اشتمل على نفي خمسة أشياء:
أحدها: أن لا يكون رأس المال والمسلم فيه طعامين، سواء كانا متحدي الجنس أو لا فلا يصح أن يقول: أسلمتك إردب قمح في إردب قمح، كما لا يصح أن يقول: أسلمتك إردب قمح في إردب فول آخذه بعد شهر مثلاً، لأن في هذا ربا النساء، فإذا قالله: أسلمتك إردب قمح في إردب ونصف قمح آخذه بعد شهر كان فيه ربا فضل ونساء، فإذا وقع بلفظ القرض بدون زيادة جاز كأن يقول له: أقرضتك إردب قمح آخذه بعد شهر.
ثانيها: أن لا يكونا نقدين، فلا يصح أسلمتك جنيهاً في جنيه، كما لا يصح أسلمتك جنيهاً في “خمسة ريالات” وإنما لا يصح لعلة الربا المذكورة، والفلوس الجدد في باب السلم مثل النقدين، فلا يجوز سلم بعضها في بعض، فلا يجوز أنيقول: أسلمتك عشرين قرشاً في عشرين قرشاً من النحاس.
ثالثاً: أن لا يكون رأس المال أقل من المسلم فيه إذا كان من جنسه فلا يصح أن يقول: أسلمتك هذا الثوب في ثوبين من جنسه، أو أسلمتك قنطاراً من القطن في قنطارين أو إردباً من الجبس في إردبين. إلا إذا اختلفت المنفعة في أفراد الجنس الواحد بحيث تعادل منفعة الواحد منفعة الاثنين كالحمار السريع المشي، فإنه يصح أن يكون سلماً في حمارين ضعيفين مشيهما بطيء، وكالحصان الذي يسبق غيره أكثر منه غير سابق، وكسيف قاطع جيد في سيفين أقل منه، أما الجنسان المختلفان فإنه يجوز أن يسلم أحدهما في الآخر، ولو كانت منفعتهما متقاربة كثوب رقيق من القطن وثوب غليظ. فإنه يصح أن يجعل أحدهما رأس مال السلم والآخر مسلماً فيه.