الفقه علی المذاهب الاربعة-ج2-ص852
تنبيهان: الأول: إنك قد عرفت في المبحث الذي قبيل هذا أن الثمر الذي على شجرة لا يتبع الشجرة فيبيعه إلا إذا اشترطه المشتري فهو حق للبائع، سواء أبر أو لم يؤبر، والتأبير: التلقيح، وهو أن يتشقق غلاف الطلع فيؤخذ منه ويوضع على طلع المخلة، ويدخل في الثمر الورد والياسمين ونحوهما من المشمومات. أما الزرع فقد اختلف في جواز بيعه قبل أن تناله المناجل بحيث يمكن قطعه بها، فبعضهم قال: يجوز وبعضهم قال: لا. والأوجه جواز بيعه رجاء أن يكبر بعد، فإذا نبت الزرع وكانت له قيمة ثم بيعت الأرض التي هو عليها فإنه لا يدخل إلا بالشرط، أما إذا نبت ولم تكن له قيمة فقيل: يدخل في البيع بدون شرط. وقيل: لا يدخل إلا بالشرط. والأصح أنه يدخل بدون شرط فقيل: يدخل في البيع بدون شرط. وقيل: لا يدخل إلا بالشرط. والأصح أنه يدخل بدون شرط وكذلك إذا لم ينبت “كربة” البرسيم وخلفة الزرع الذي يتجدد بعد قطعه، فقيل: يدخل. وقيل: لا يدخل.
الثاني: قد تقدم في مباحث الربا أنه يجوز بيع الرطب بالتمر، سواء كان في العرايا أو غيرها.
الحنابلة – قالوا: لا يصح بيع الثمار حتى يظهر صلاحها، كما لا يصح بيع الزرع حتى يشتد حبه، وظهور الصلاح في التمر: هو أن ينضج ويطيب أكله، وفي الحب هو أن يشتد أو يبيض، على أنه يصح بيع ما لم يظهر صلاحه بشروط. الشرط الأول: أن يشترط قطعه في الحال، ولا يصح له أن يستأجر الشجرة أو يستعيرها لترك الثمرة عليها حتى تنضج. الشرط الثاني: أن يكون منتفعاً به حين القطع. الشرط الثالث: أن لا يكون مشاعاً كأن كان له نصف ثمرة نخل مشاعاً فإنه لا يصح بيعه قبل ظهور صلاحه، لأنه لا يستطيع قطع ما يملكه إلا بقطع ما لا يملكه وليس له ذلك.
الشرط الرابع: أن يبيعه مع الأصل بأن يبيع الثمرة مع الشجر، أو يبيع الزرع مع الأرض. أو يبيع الشجرة أولاً لشخص ثم يبيع له ثمرها بعد ذلك.
ولا تباع ثمار الخضر التي تتجدد “إلا قطفة قطفة”، فليس له أن يبيع غلا الموجود، أما الذي يوجد بعد ذلك فإنه لا يصح بيعه إلا أن يبيعه مع الأرض، وذلك كالقثاء والعجور ولكن يصح بيعه مع أصوله “عروشه التي ينبت منها” لأن الثمار في هذه الحالة تكون تابعة للأصل.
وحكم القطن حكم الزرع، فمتى كان لوزه ضعيفاً رطباً لم يشتد ما فيه لم يصح بيعه، كالزرع الأخضر غلا بشرط القطع في الحال. وإذا اشتد جاز بيعه مطلقاً بشرط بقائه كالزرع إذا اشتد حبه، ومثل القطن الباذنجان.
وإذا ظهر صلاح الثمر أو الزرع جاز بيعه مطلقاً بغير اشتراط قطع أو ترك في محله. وإذا باع نخلاً قد تشقق طلعه – بكسر الطاء – غلاف العنقود الربيض فالثمن للبائع دون العراجين والسعف والليف، ولا يشترط التأبير بالفعل – التلقيح: وهو وضع طلع الفحل في طلع الشجر – وللبائع الحق في إبقاء التمر على النخل إلى وقت استوائه وكمال حلاوته وذلك بشرطين: أحدهما: أن لا يشترط المشتري قطعه في الحال. الثاني: أن لا يحصل ضرر للنخل ببقائه، فإن لم يتحقق الشرطان فإن البائع يجبر على القطع.
ومثل البيع في هذه الأحكام: الرهن، والهبة، والإجارة والخلع، والصداق، فإذا وهب نخلاً أو أجره أو جعله خلعاً أو صداقاً وكان عليه تمر فإن حكمه في التبعية وغيرها كالبيع).
2 مباحث السلم